فان كان نظر المتوهم راجعا إلى عدم
إمكان انقلاب الواجب الاستقلالي إلى الواجب الغيري ، فهو مما لا محذور فيه.
وإن كان راجعا إلى أن الواجب الاستقلالي
لا يكون واجبا غيريا مع بقائه على الواجب الاستقلالي ، فهو حق ، إلا أنه ليس
المدعى ذلك.
وإن كان راجعا إلى أن وصف العلم وزوال
صفة الجهل لا يوجب الانقلاب المذكور ، فهو مما لا شاهد عليه [١] وأي محذور في أن تكون صفة العلم موجبة
للانقلاب المذكور؟ وكم له من نظير! فان أخذ العلم في موضوع حكم آخر بمكان من
الامكان [٢].
فالانصاف : أن هذا الوجه سالم عن الاشكال
[٣] ولا يرد
عليه شيء سوى أنه يلزم أن يكون العقاب على ترك وصف الجهر أو الاخفات الذي كان
واجبا نفسيا لا على ترك الصلاة الجهرية أو الصلاة الاخفاتية ، وهذا بعيد عن كلام
الأصحاب [٤]
إلا أن ذلك مجرد استبعاد لا يضر بالمدعى ، فتأمل جيدا. هذا كله في المسألة الأولى
من المسائل الثلاث التي صارت محلا للاشكال.
وأما
المسألة الثانية : وهي القصر في موضع
وجوب الاتمام ـ على القول بالصحة فيها ـ فيمكن التقصي عن الاشكال فيها بما ذكرناه
في المسألة السابقة ،
[١] أقول : أي شاهد
أعظم من اختلاف الرتبة بين معروض العلم ومعلوله! فهل اتحادهما في الوجود معقول؟
كلا إلا بانقلاب العلم إلى علم آخر ، ولازمه دخل حدوث العلم في الانقلاب بلا دخل
بقائه في بقائه ، ويتلوه حينئذ عدم صحة الصلاة الفاقدة حين الجهل الطاري ، لأنه
بحدوث العلم نقطع بالانقلاب أبدا ولو طرء الجهل بعده ، وذلك أفحش فسادا!.
[٢] أقول : وذلك في
غاية البداهة ، ولكن هل في مورد صار العلم بحكم منشأ لانقلاب معلومه؟ كلا وحاشا.
[٣] أقول : هذا عند
من لم يكن له نظر قويم وفكر مستقيم!.
[٤] أقول : لو
التزمت بما شرحنا كلام الأستاذ لا يلزم عليك هذا المحذور.