ومنها :
ما أفاده شيخنا الأستاذ ـ مد ظله ـ بما حاصله : أن الاشكال إنما وقع في مسائل ثلاث
:
الأولى : الجهر بالقراءة في موضع وجوب
الاخفات وبالعكس. الثانية : القصر في موضع وجوب التمام ، بناء على القول بالصحة
فيه وإن كان خلاف المشهور والمختار ، كما تقدم. الثالثة : الاتمام في موضع وجوب
القصر.
وينبغي إفراد كل مسألة من هذه المسائل
الثلاث بالجواب عن الاشكال ، إذ لعله يختلف طريق التخلص عن الاشكال حسب اختلاف
المسائل. وليعلم أولا : أن الاشكال إنما كان مبنيا على تسليم مقدمتين :
الأولى : أن يكون العمل المأتي به حال
الجهل مأمورا به ، كما يستكشف ذلك من أدلة صحة العمل والاجتزاء به ولو بعد زوال
صفة الجهل وبقاء الوقت.
الثانية : استحقاق الجاهل العامل للعقاب
وأن استحقاقه له لأجل تفويت ما كان واجبا عليه في حال الجهل.
ومع المنع عن إحدى المقدمتين يرتفع
الاشكال من البين ـ كما لا يخفى ـ والمقدمة الأولى مسلمة لا سبيل للمنع عنها ، إذ
لا ينبغي الاشكال في استكشاف
بمخالفة شيء آخر في
زمان واحد ، من دون فرق بين أن يكون طولية الأمرين من جهة طولية المصلحتين ـ كما
في المقام ـ أو من جهة طولية القدرة على الاستيفاء بلا طولية مصلحتها ، وتخصيص
البحث بالثانية غير وجيه ، وليس إلا مجرد المصادرة ، وحينئذ عمدة الكلام في المقام
أيضا في كبرى الترتب لا في صغراه. ومن الممكن دعوى آخر في المقام : من جعل المقام
من باب طولية الفردين لا المصلحتين أيضا وأن المصلحة بمرتبة منها قائمة بالجامع
وبمرتبة أخرى قائمة بالخصوصية وأن المقام من باب تعدد المطلوب ، غاية الامر
الاتيان بالفاقد مفوت للزائد ، وانحصار الفرد لهذه المرتبة الجامعة أيضا في حال
العلم ، لا اختصاص فردية الفاقد بحال الجهل ، وفي هذه الصورة أيضا ربما يتشكل
الأمران الطوليان : مطلقا بالفرد الواقعي ومقيدا بتركه بالفرد حين الجهل. ولا يعقل
في هذه الصورة أيضا تشكيل أمرين عرضيين متعلق بالفرد وبالجامع الساري في غيره فعلا
، كي يكون من باب تعدد المطلوب الخارج عن حريم النزاع ، فتأمل.