يمكن أن يكون الملاك
الذي اقتضى الامر بالمركب قائما بنفس مواد الاجزاء المجتمعة ، ويمكن أيضا أن يكون
هناك جزء صوري له دخل في حصول الملاك.
ولكن وجود الجزء الصوري في المركبات
الاعتبارية يحتاج إلى قيام الدليل عليه ، وإلا فنفس الامر بالمركب لا يقتضي أزيد
من اجتماع مواد الاجزاء في الوجود ، كما في الامر بالحج والوضوء وغير ذلك من
المركبات الاعتبارية ، فان الحج ليس هو إلا عبارة عن اجتماع عدة من الأمور
المتباينة التي يقوم بها ملاك واحد ، وكذا الوضوء ليس هو إلا عبارة عن الغسلات
والمسحات الثلاث المتعاقبة من دون أن يكون لها هيئة إتصالية.
نعم : في خصوص الصلاة يمكن أن يقال : إن
لها وراء الاجزاء الخارجية جزء صوري يقوم بمواد الاجزاء ويحدث بالتكبيرة ويستمر
إلى التسليمة ، بحيث لا يضر ببقائه تبادل الاجزاء وتصرمها في الوجود. ويدل على ذلك
الأدلة الواردة في باب القواطع ، فان شأن القاطع إنما هو قطع الهيئة الاتصالية
ورفع الجزء الصوري ، فلو لم تكن للصلاة وراء مواد الاجزاء هيئة إتصالية لم يصح
استعمال « القاطع » على مثل الالتفات إلى الخلف واليمين واليسار ، فقول الشارع : «
الالتفات إلى الخلف قاطع » معناه أن الالتفات رافع للهيئة الاتصالية والصورة
القائمة بالاجزاء ، فلابد وأن تكون لتلك الصورة نحو تقرر ووجود في أثناء الصلاة
ليصح إطلاق القطع والرفع على مثل الالتفات.
والذي يدل على ذلك ، هو أنه يعتبر في
الصلاة عدم وقوع القواطع حتى في السكونات المتخللة بين الاجزاء ، فان الالتفات إلى
الوراء مبطل للصلاة ولو وقع في حال عدم الاشتغال بالاجزاء.
وبذلك يفترق القاطع عن المانع ، فان
المانع إنما يمنع عن صحة الصلاة إذا وقع في حال الاشتغال بالاجزاء ولا يضر وجوده
بين السكونات ، كما إذا لبس المصلي الحرير أو تنجس لباسه أو بدنه في حال عدم
الاشتغال بالجزء وعند