وأما
عدم جريان استصحاب عدم وجوب الأكثر : فيحتاج إلى بسط من الكلام ، إذ لعله ينفع في
غير المقام.
فنقول : المستصحب تارة : يكون هو عدم
وجوب الجزء أو الشرط المشكوك فيه ، وأخرى : يكون هو عدم جوب الأكثر المشتمل على
المشكوك فيه ، وعلى كلا التقديرين : المراد من العدم إما أن يكون هو العدم الأزلي
السابق على تشريع الاحكام ، وإما أن يكون هو العدم السابق على حضور وقت العمل في
الموقتات كقبل الزوال والمغرب والفجر بالنسبة إلى الصلوات اليومية ، وإما أن يكون
هو العدم السابق على البلوغ ، وفي جميع هذه التقادير لا يجري استصحاب العدم. ولكن
ينبغي إفراد كل من هذه الأقسام بالبحث ، إذ منها : ما لايكون له متيقن سابق يمكن
الحكم ببقائه ، ومنها : ما لايكون لبقائه أثر شرعي ، ومنها : ما يجتمع فيه
الأمران.
وتوضيح ذلك : هو أنه إن كان المستصحب
عدم وجوب الجزء أو الشرط المشكوك فيه وأريد من العدم العدم الأزلي السابق على
تشريع الاحكام ، بتقريب أن يقال : إن لحاظ جزئية السورة وتعلق الجعل بها أمر حادث
مسبوق بالعدم ، ومقتضى الأصل هو عدم تعلق الجعل واللحاظ بها.
فيرد عليه : أنه إن أريد من العدم العدم
النعتي بمفاد ليس الناقصة ، وهو عدم تعلق الجعل واللحاظ بالمشكوك فيه في ظرف تشريع
المركب ولحاظ أجزائه [١]
فهذا العدم لم يكن متيقنا في زمان لكي يستصحب ، فإنه في ظرف تعلق الجعل والتشريع
واللحاظ بأجزاء المركب إما أن يكون قد شملته عناية الجعل وتعلق اللحاظ به أولا :
وليس تعلق الجعل به متأخرا رتبة أو زمانا عن
[١] أقول : بحيث
يصدق مجعول مركب لم يلحظ فيه الأكثر.