والسر في ذلك : هو أن حكم العقل بلزوم
الامتثال إنما هو لرعاية حكم الشارع ، وبعد رفع الشارع التكليف عن الأكثر ولو رفعا
ظاهريا يتعين كون المكلف به هو الأقل ، فيحصل الامتثال التعبدي بفعل الأقل ، ولا
يجب الزائد عليه.
وبالجملة : دائرة الامتثال تختلف سعة
وضيقا حسب سعة متعلق التكليف وضيقه ، ولا إشكال في أنه للشارع رفع التكليف عن
الأكثر ، إما واقعا بالنسخ ، وإما ظاهرا بمقتضى الأصول العملية لانحفاظ رتبة الحكم
الظاهري في الأكثر ، لعدم العلم بتعلق التكليف به ، فلا مانع من جريان أصالة
البراءة الشرعية عن التكليف بالأكثر ، ولا يعارضها أصالة البراءة عن الأقل ، للعلم
بوجوبه على كل تقدير ، فلا تكون رتبة الحكم الظاهري محفوظة فيه ، وبعد رفع التكليف
عن الأكثر يكون متعلق التكليف بحسب الظاهر هو الأقل ، فيدور الامتثال مدار فعله ،
ويتحقق الفراغ والخروج عن عهدة التكليف بالاتيان به ، وليس اشتغال الذمة بالتكليف
المردد بين الأقل والأكثر بأقوى من اشتغال الذمة بالتكليف بأصل الصلاة وأركانها ،
فكما أن للشارع الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي بالنسبة إلى ذلك ، كموارد الشك بعد
الوقت وبعد تجاوز المحل ، كذلك للشارع الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي للتكليف
المردد بين الأقل والأكثر.
والغرض من إطالة الكلام : بيان فساد ما
أفاده المحقق الخراساني ـ في حاشية الكفاية ـ من منع جريان البراءة الشرعية في
الأقل والأكثر الارتباطي بعد ما اختار جريانها في متنها ، وكأنه جرى على مسلكه :
من الملازمة بين حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية [١] وقد تقدم منع الملازمة في أول
[١] أقول : إنما جرى
استاذنا الأعظم في الحاشية المزبورة الحاضرة عندنا ـ وسمعناه منه ـ على مبناه : من
التضاد بين الحكم الفعلي التبعي الواقعي مع الترخيص الظاهري ، ولذا فصل بين العلم
بفعلية الخطاب الواقعي على تقدير وجوب الأكثر فلا يجري أدله البراءة ولو في الشبهة
البدوية وبين ما علم