الأول
: يعتبر في الاستصحاب أن يكون الشك راجعا
إلى بقاء الحادث ، لا إلى أن الباقي هو الحادث [١]
لان قوام الاستصحاب إنما هو بالشك في البقاء بعد العلم بالحدوث ، فلا يجري
الاستصحاب عند الشك في كون الباقي هو الحادث.
نعم : قد يتولد الشك في البقاء من الشك
في الحدوث ، كما إذا علم بنجاسة أحد مقطوعي الطهارة أو طهارة أحد مقطوعي النجاسة ،
فان الشك في بقاء طهارة كل منهما أو نجاسته مسبب عن الشك في حدوث النجاسة فيه أو
الطهارة ، لكن الشك في حدوث النجاسة أو الطهارة في كل منهما إنما يكون منشأ للشك
في بقاء الحالة السابقة المتيقنة فيهما ، والاستصحاب يجري باعتبار الشك في بقاء
تلك الحالة.
وهذا غير الشك في كون الباقي هو الحادث
، لأن الشك فيه لا يرجع إلى البقاء بل إلى الحدوث ، كما لو علم بحدوث فرد مردد بين
ما هو مقطوع البقاء وما هو مقطوع الارتفاع ، فإنه وإن كان يشك في بقاء الحادث ،
إلا أن ارتفاع أحد فردي الترديد يوجب الشك في حدوث الفرد الباقي.
فلا يجري استصحاب الفرد المردد ، لان
استصحاب الفرد المردد معناه :
إن الشك في حدوث الباقي بعدما
كان ملازما للشك في بقاء ما حدث من الجامع بينهما ذاتيا أم عرضيا ، لا شبهة في أن
الشك في بقاء هذا الجامع إنما يثمر في ظرف كونه بنفسه موضوع الأثر في الدليل ،
وإلا فلا معنى للتعبد به ، ومن هذه الجهة لا مجال لاستصحاب الفرد المردد ولا
لمفهوم المجمل المردد بين المتباينين أو الأقل والأكثر ، لان ما هو مشكوك البقاء
لا أثر له وماله الأثر كان بين ما هو متيقن الارتفاع أو متيقن الحدوث.