أن الشأن في صحة
الوجوه المذكورة ، فإنها لا تخلو عن ضعف.
أما
الوجه الأول ، وهو دعوى الاجماع على عدم وجوب الموافقة القطعية في الشبهة الغير
المحصورة ، فالظاهر أنه ليس في المسألة إجماع تعبدي.
وأما الوجه الثاني ، وهو دعوى استلزام
الموافقة القطعية فيها العسر والحرج غالبا ، ففيه : أن ذلك لا يقتضي عدم وجوب
الموافقة مطلقا في جميع الموارد حتى فيما إذا لم يلزم منها العسر والحرج ، بل لابد
من الاقتصار على الموارد التي يلزم منها ذلك ، مع أن المدعى عدم وجوب الموافقة
القطعية مطلقا ، حتى في الموارد التي لا يلزم منها العسر والحرج.
نعم : إذا ثبت أن العسر والحرج في
المقام حكمة للتشريع لا علة للحكم ، كان للقول بعدم وجوب الموافقة القطعية مطلقا
في جميع الموارد وجه ، لان من شأن الحكمة عدم الاطراد ، إلا أن دون إثبات ذلك خرط
القتاد!! فان العسر والحرج في الشريعة إنما يكون علة للحكم لا حكمة للتشريع ، ولذا
كانت أدلة نفي العسر والحرج حاكمة على الأدلة الأولية.
نعم : قد يتفق في بعض الموارد كون العسر
والحرج حكمة للتشريع كما في نجاسة الحديد ، إلا أن ذلك يحتاج إلى دليل بالخصوص ولا
يطرد في جميع الموارد ، فتأمل جيدا.
وأما الوجه الثالث ، وهو التمسك بمثل
قوله عليهالسلام « كل شيء لك
حلال » ففيه : أن ذلك يختص بالشبهات البدوية ، كما تقدم.
وأما الوجه الرابع ، وهو التمسك بما ورد
في الجبن من قوله عليهالسلام
« أمن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم جميع ما في الأرض؟ » الخبر [١] فهو وإن كان لا يخلو عن دلالة على عدم
وجوب الاجتناب عن أطراف الشبهة الغير
[١] الوسائل : الباب
٦١ من أبواب الأطعمة المباحة الحديث ٥.