لم نقل بالمصلحة
السلوكية ، وإلا لم يلزم تفويت الملاك من التعبد بالظن ، وسيأتي المراد من المصلحة
السلوكية.
الثالث : اختصاص المحذور بصورة انفتاح
باب العلم وإمكان الوصول إلى الواقعيات. وأما في صورة الانسداد فلا يلزم محذور
التفويت ، بل لابد من التعبد به ، فان المكلف لا يتمكن من استيفاء المصالح في حال
انسداد باب العلم إلا بالاحتياط التام ، وليس مبنى الشريعة على الاحتياط في جميع
الأحكام ، فالمقدار الذي تصيب الأمارة للواقع يكون خيرا جاء من قبل التعبد
بالأمارة ، ولو كان مورد الإصابة أقل قليل ، فان ذلك القليل أيضا كان يفوت لولا
التعبد ، فلا يلزم من التعبد إلا الخير.
فظهر : أن محذور التفويت إنما يلزم في
صورة الانفتاح بناء على الطريقية المحضة على القول بتبعية الأحكام للمصالح
والمفاسد مع كونها لازمة الاستيفاء.
والتحقيق : أن مع هذه
القيود لا يلزم محذور من التعبد بالأمارات الغير العلمية ، فان المراد من انفتاح باب
العلم هو إمكان الوصول إلى الواقع بالسؤال عن شخص الإمام عليهالسلام لا فعلية الوصول ، فان انفتاح باب
العلم بهذا المعنى مما لا يمكن دعواه ، بل المراد من الانفتاح هو إمكان الوصول وهو
غير فعلية الوصول ، فقد يكون الشخص متمكنا من الوصول إلى الواقع ، ولكن لم يصل
إليه لاعتماده على الطرق المفيدة للعلم [١]
مع خطأ علمه وكونه من الجهل المركب.
ودعوى انسداد باب العلم بالنسبة إلى هذا
الشخص ـ لأنّ المراد من
[١] أقول : ما
المراد من اعتماده على الطرق المفيدة؟ فان كان المراد أنه قبل حصول العلم منها مع
احتمال الخطأ فيها كان مرخصا في الخوض فيها ، فهو أول شيء ينكر ، وإن كان الفرض
انه لا يلتفت إلى مخالفتها أو كان قهري الحصول ، فلا مجال لقياس التعبد بالظن به
مع التفاته بخطائه إذ مرجعه إلى تفويت الشارع عليه باختياره ، ولقد فصلنا الكلام
فيه في الحاشية الآتية ، فراجع.