والغرض في المقام مجرد الإشارة إلى بيان
أن ما ذكره الشيخ قدسسره
من الموارد التي توهم فيها انحزام القاعدة التي يقتضيها العلم الإجمالي ـ من عدم
جواز المخالفة القطعية للمعلوم بالإجمال
ـ ليس شيء منها تقتضي ذلك.
إذ منها : ما لا يصح الالتزام به ،
كمسألة جواز إحداث القول الثالث عند اختلاف الأمة على قولين يعلم أن الإمام مع
أحدهما ، وكجواز ارتكاب كلا المشتبهين دفعة أو تدريجا.
ومنها : ما نلتزم به ولا يكون مخالفا
لما يقتضيه العلم الإجمالي ، كمسألة اقتداء أحد واجدي المنى بالآخر ، وكمسألة
التنصيف في باب التداعي والتحالف ، فان العلم الإجمالي يسقط عن التأثير في هذه
الموارد بالبيان المتقدم.
وينبغي
ختم الكلام في مباحث العلم الإجمالي بالتنبيه على أمر :
وهو أنه لو تردد المعلوم بالإجمال بين ما يكون بوجوده الواقعي ذا أثر وبين ما يكون
بوجوده العلمي ، كما لو تردد حال الثوب بين الغصب والنجاسة ، فالعلم الإجمالي ما
دام موجودا يقتضي أثره ويترتب عليه جميعه الآثار المترتبة على الغصب والنجاسة ،
فلا يجوز استعمال الثوب والتصرف فيه تصرفا مشروطا بالطهارة والإباحة.
وأما الآثار الزائدة المترتبة على الشيء
بوجوده الواقعي فلا تترتب ، فلو غفل المكلف عن علمه وصلى في الثوب لم يجب عليه
الإعادة والقضاء لاحتمال أن يكون غصبا ، والصلاة في الثوب المغصوب مع النسيان
صحيحة واقعا.
والنجاسة لم يتعلق العلم بها في وقت حتى
يقال : إن العلم بالنجاسة آناً ما