يمكن الانبعاث عنه ،
بحيث لو فرض أنه لو كان الخطاب الواقع كذلك ـ أي على ما هو عليه من الإجمال [١] من دون أن يتعلق بخصوصية أحد الأطراف ـ
لكان لك تكليفا مولويا ، يصلح لأن يكون داعيا ومحركا لإرادة العبد نحو امتثاله
وينتج نتيجة التخيير الشرعي أو العقلي ـ على اختلاف المقامات ـ فالجهل بالخصوصية
لا يضر بالمعلوم بالإجمال ولا يمنع عن حكم العقل بقبح الاقتحام على مخالفته ، وذلك
واضح لا ينبغي إطالة الكلام فيه.
الأمر
الثاني :
ذهب بعض الأعاظم
إلى انحفاظ رتبة الحكم الظاهري في أطراف العلم الإجمالي [٢] لأن موضوع الحكم الظاهري هو الجهل
بالواقع ، والأصول
ثم إن الناظر البصير ربما يرى
تهافتا بين قوله في المقام : « ويمكن الانبعاث عن البعث في العلم الإجمالي » وبين
تقريبه السابق بأن « الانبعاث من قبل احتمال البعث لا نفسه » وجعل ذلك منشأ تأخيره
رتبة عن الامتثال التفصيلي ، فراجع وتدبر.
[١] أقول : مثل هذا
التعبير في باب التخيير غلط ، كما لا يخفى على من تأمل فيما ذكرنا آنفا.
[٢] أقول : رتبة
الحكم الظاهري إنما يكون محفوظا في فرض تعلق الشك بنفس الواقع ، بلا شائبة تنجز
فيه ، وإلا فمع احتمال التكليف المنجز الملازم لاحتمال المعصية العقل يأبى عن
الترخيص في المعصية ولو مع احتمالها ، وحينئذ فلا محيص لمثل هذا المقرر أن يعزل
العلم الإجمالي عن المنجزية رأسا ، أو يدعى تعليقية حكم العقل بمنجزية العلم بعدم
ترخيص على خلافه ، وعلى الفرضين لا يمنعه الجزم بمخالفة الأصلين للواقع بعد اختلاف
الرتبة في البين ، كما هو الشأن في الشبهات البدوية ، وعليه فلا يبقى مجال لما
أفيد في جوابه من التفكيك في شمول أدلة الأصول للطرفين أو طرف واحد ألا مع إثباته
التفكيك بين الموافقة والمخالفة في التعليقية والتنجيزية ، ولا مجال لإثباته من
الخارج ، بل مجرد احتمال التنجيزية يكفي مطلقا ، يكفي لمنع شمول دليل الترخيص ولو
لأحدهما ، ولا مجال أيضا لاثباته حينئذ بتوهم شمول دليل الترخيص لفرض الشك دون
العلم وذلك لما فيه :
حيث نقول : بأن شمول دليل
الترخيص لفرض الشك حينئذ دوري ، لأن الشمول منوط بثبوت التعليقية ، فكيف يثبت
التعليقية بشمول دليل الترخيص؟.
فان قلت : إن مانعية المعصية
لدليل الترخيص إذا كان عقليا يصير من المخصصات اللبية ، ولا بأس بالتمسك العام في
المخصص اللبي فبدليل الترخيص يستكشف عدم المعصية عند الشك بها.
قلت : نتيجة التمسك بالعام في
المخصص اللبي ليس نفي المعصية المشكوكة وجدانا ، بل غايته نفيها تعبداً ،