يتوقف على معرفة
الوجه وقصده ، بل المعتبر هو أن يكون الداعي إلى الفعل إرادة الآمر.
وأما معرفة كون البعث إلزاميا أو غير
إلزامي فلا دخل لها في ذلك أصلا عند العقل والعقلاء الحاكم في هذا الباب ، فلو كان
قصد الوجه معتبرا فلابد وأن يكون اعتباره بأمر شرعي ، وليس فيما بأيدينا من الأدلة
ما يستشم منه اعتبار ذلك ، مع أنه مما تعم به البلوى وتكثر الحاجة إليه ، وليس
المقام من المقامات التي تتوفر الدواعي إلى إخفائها في الأمور التي ترجع إلى باب
الولاية والإمامة ، فالمقام يكون من أظهر المقامات التي كان عدم الدليل فيها دليل
العدم ، بل مما يقطع بعدم اعتبار ذلك شرعا ، وإلا لاستفاضت به الروايات.
والإجماع المحكى في المقام مما لا
اعتبار به ، لأنه من الممكن أن يكون مدعى الإجماع قد سلك مسلك المتكلمين وادعى
الإجماع على مذاق المتكلمين في المسألة الكلامية لا في المسألة الفقهية ، مع أنه
لو سلم يكون من الإجماع المنقول الذي لا عبرة به.
فالإنصاف : أن مدعى القطع بعدم اعتبار
قصد الوجه في العبادات لا يكون مجازفا في دعواه. ثم لو سلم عدم القطع ، فلا أقل من
الشك والأصل في ذلك يقتضي البراءة لا الاشتغال ، لأن الشك في اعتبار قصد الوجه
يرجع إلى الشك في اعتبار قيد في المأمور به شرعا زائد عما يعتبره العقل في الطاعة
، لما تقدم من أن العقل لا يعتبر في الإطاعة أزيد من كون الشخص منبعثا عن البعث
ومتحركا عن الإرادة ، فقصد الوجه لو كان معتبرا فلابد وأن يكون ذلك من جهة الشرع ،
والمرجع حينئذ عند الشك في الاعتبار هو البراءة ، كما أن المرجع عند الشك في أصل
التعبدية والتوصلية ذلك ، بناء على ما هو المختار : من أن التعبدية تتوقف على
الأمر بها ولو بمتمم الجعل ، على ما تقدم تفصيله في مبحث التعبدي والتوصلي.
نعم : بناء على أن اعتبار قصد الامتثال
من باب دخله في الغرض و