العلم بخمرية شيء
يعلم بوجوب الاجتناب عنه الذي فرض أنه رتب على ذات الخمر ، فيكون هو المحرك
والباعث للاجتناب ، والحكم الآخر المترتب على معلوم الخمرية لا يصلح لأن يكون
باعثا ويلزم لغويته ، وليس له مورد آخر يمكن استقلاله في الباعثية ، فان العلم
بالخمرية دائما ملازم للعلم بوجوب الاجتناب عنه المترتب على الخمر الواقعي ، وذلك
واضح بعد ما كان العالم لا يحتمل المخالفة ، فتوجيه خطاب آخر على معلوم الخمرية لا
يمكن.
فظهر : أن القبح الفاعلي بوجه من الوجوه
لا يستتبع الخطاب.
الجهة الثالثة
: دعوى استحقاق المتجرى للعقاب لا من باب المخالفة لخطاب شرعي كما في الجهتين
الأوليين ، بل من باب استقلال العقل باستحقاق المتجرى للعقاب ، وأنه يكون في حكم
العاصي ، بدعوى أن المناط في استحقاق العاصي للعقاب موجود في المتجرى أيضا ، وأنه
بمناط واحد يحكم العقل باستحقاق العاصي والمتجري للعقاب ، ببيان أن العلم
والالتفات في باب الأحكام العقلية له جهة موضوعية [١] بل هو تمام الموضوع في المستقلات
العقلية ، من غير فرق بين الأحكام العقلية الواقعة في سلسلة علل الأحكام الراجعة
إلى باب التحسين والتقبيح باعتبار كونها مناطات الأحكام الشرعية و
[١] أقول : وأحسن من
هذا البيان بيان آخر أشرنا إليه سابقا ، وهو أن الإقدام على ما قطع خلاف أمر مولاه
نحو طغيان وظلم في حقه ، وهذه الجهة مشتركة بين العلم المصادف والمخالف ، وعمدة
نظر القائل بالاستحقاق هو ذلك بلا خصوصية للعصيان فيه ولا من جهة أخذ العلم في
موضوع القبح بنحو الصفتية ، بل العلم المأخوذ على وجه المنورية للغير تمام الموضوع
في إحداث عنوان الطغيان على إقدامه بعد فساد توهم عدم إمكان أخذ العلم على وجه
الطريقية ـ بالمعنى الذي أشرنا ـ تمام الموضوع ، كما أسلفنا ، فراجع.
كما أنه لا معنى في هذا
المقام بأن العلم المخالف جهل ، إذ مثل هذا الجهل أيضا كالعلم في إحداث عنوان
الهتك والطغيان على المقدم ، كما أن هذا الجهل يحدث اشمئزاز العقل عن عمله فعلا
بعين اشمئزازه عند مصادفة علمه للواقع ، وحينئذ ليس لعنوان العلم دخل في الاستقباح
الفعلي في نظر العالم كي يقال : إن العلم المخالف جهل لا علم