تقدير فوته واقعاً ،
ومع احتمال سبق العلم به لا تحرى البراءة. ومسألة الدين المردد بين الأقل والأكثر
لو كان من هذا القبيل كان كذلك لا تجري البراءة بالنسبة إلى الزائد المشكوك.
والحاصل : أنه في كل شك احتمل سبق العلم
به لا تجري الأصول العملية مطلقا ، سواء في ذلك أصالة البراءة وغيرها.
ومنه يعلم : أنه لا يجوز التمسك في
مسألة الفوائت ب « قاعدة الشك بعد الوقت » فأنها أيضا من الأصول العملية المضروبة
في حال الشك فيعتبر فيها ما يعتبر في البراءة ، ومع احتمال سبق العلم بالفائتة
المشكوكة لا تجري « قاعدة الشك بعد الوقت » وليس في البين أصل موضوعي ينقح حال
الشك وأنه مما سبقه العلم أو لم يسبقه.
فلا يتوهم : جريان أصالة عدم سبق العلم
، لأنه قبل الفوات لا موضوع للعلم وبعد الفوات يشك في تعلق العلم به حال الفوت ،
فليس للعلم حالة سابقة يمكن استصحابها وجودا وعدما.
فظهر : أنه لو قلنا : إن العلم بحال
الشبهة ولو آنا ما يكفي في التنجز ولا يعتبر استدامته ، ففي كل شبهة احتمل سبق
العلم بها لا تجري الأصول العملية مطلقا شرعية كانت أو عقلية. أما الشرعية :
فلاحتمال حصول الغاية ، فيكون التمسك بها من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
وأما العقلية : فلأنه مع سبق العلم لا يكون العقاب بلا بيان ، ومع احتمال سبق
العلم لا مؤمن ، فلا يستقل العقل بقبح العقاب.
هذا غاية ما يمكن أن يوجه به فتوى
المشهور ، وعليه بنى « شيخنا الأستاذ مد ظله » في الدورة السابقة ، وقد عدل عن ذلك
في الدورة الأخيرة والتزم بجريان البراءة العقلية والشرعية.
أما البرائة
العقلية : فلأنه لا يعتبر في جريانها إلا عدم وصول التكليف الذي يدور التنجز
واستحقاق العقاب مداره ، إذ المراد بالبيان في « قاعدة قبح