والعسر والنذر
والإكراه وغير ذلك من العناوين الثانوية ، فيصير حاصل معنى قوله عليهالسلام « إذا بلغه شيء من الثواب فعمله الخ »
ـ بعد حمل الجملة الخبرية على الإنشائية ـ هو أنه يستحب العمل عند بلوغ الثواب
عليه كما يجب العمل عند نذره.
والفرق بين هذا الوجه والوجه الثاني مما
لا يكاد يخفى ، فان الوجه الثاني كان مبنيا على أن يكون مفاد أخبار « من بلغ »
حجية قول المبلغ وأن ما أخبر به هو الواقع ، فيترتب عليه كل ما يترتب على الخبر
الواجد للشرائط ، وهذا بخلاف الوجه الثالث ، فان مفاده مجرد إعطاء قاعدة كلية ،
وهي استحباب العمل إذا بلغ عليه شيء من الثواب ، فيكون مفاد أخبار « من بلغ »
قاعدة فقهية ك « قاعدة لا ضرر ولا حرج » وإن كان يظهر من الشيخ قدسسره كون المسألة أصولية على كل حال ، لأنه
لاحظ للمقلد فيها ولا يجوز للمفتي الإفتاء بمفاد الأخبار ، فإنه لا يمكن للعامي
تطبيق القاعدة الكلية على مواردها وتشخيص جزئياتها ، لأن معرفة شرائط الحجية وأن
قول المبلغ فاقد لها وأنه ليس له معارض أو التخلص عن معارضه مما يختص بالمجتهد ،
فالمسألة لا تكون فقهية.
وعلى كل حال : من كون المسألة فقهية أو
أصولية يشترك الوجه الثاني والوجه الثالث في استحباب العمل الذي بلغ عليه الثواب ،
سواء كان قول المبلغ واجدا لشرائط الحجية أو لم يكن.
ولا يبعد أن يكون الوجه الثاني أقرب ـ
كما عليه المشهور ـ [١]
حيث إن
[١] أقول : أقربية
الوجه الثاني إنما يتم بناء على المختار : من استحقاق المنقاد أيضا للثواب ، وإلا
فعلى مذهب « المقرر » لا مجال له إلا من التزامه بالتفضل كما هو مقتضى احتمال
الأول ، أو الاستحباب النفسي كما هو مقتضى احتماله الثالث ، إذ صريح الأخبار في
إعطاء الثواب حتى في صورة مخالفة البلوغ للواقع لا يناسب الاحتمال الثاني على
زعمه. نعم : على المختار لا بأس به ، بل قد أشرنا سابقا أن البلوغ بعد ما كان
قابلا للكناية عن الاحتمال ، فالأخبار ربما يكون المتيقن منها جعلها إرشادا إلى
حكم العقل باستحقاق العامل برجاء الواقع للثواب وإن لم يكن كما بلغه.