الإحتياط فيها ، بل
قوى العدم في هذا المقام ، مع أن بنائه في الكتب الفقهية والرسائل العملية على
خلاف ذلك ، وقد نقل أن كلمة « أقواهما » لم تكن في نسخة الأصل.
وذلك هو المظنون ، فان النفس تأبى أن
يكون مثل الشيخ قدسسره
ينكر إمكان الاحتياط في العبادات ، مع أن ما ذكر في وجه ذلك في غاية الضعف والسقوط
، فان مبنى الإشكال ـ على ما ذكره الشيخ قدسسره
ـ إنما هو اعتبار قصد التقرب والأمر في صحة العبادة [١] وذلك يتوقف على العلم بالأمر تفصيلا أو
إجمالا ، وفي الشبهات البدوية لا علم بالأمر فلا يمكن فيها الاحتياط.
وبعبارة أخرى : الاحتياط في الشيء عبارة
عن الإتيان بكل ما يحتمل دخله فيه على وجه يحصل العلم بعد الاحتياط بتحقق ما احتاط
فيه بجميع ما له من الأجزاء والشرائط ، ومن جملة الشرايط المعتبرة في العبادة قصد
أمرها والتقرب بها ، فان العمل الفاقد لذلك لا يكون عبادة ، وقصد الأمر والتقرب
يتوقف على العلم بتعلق الأمر بالعمل [٢]
والا كان من التشريع المحرم ، ففي الشبهات البدوية العبادية لا يمكن فيها حقيقة
الاحتياط ، هذا.
ولكن الإنصاف : أنه ما كان ينبغي أن
يجرى هذا الإشكال على قلم « الشيخ » فضلا عن أن يختاره ويقويه ، فإنه قد تقدم منا
ـ في مبحث القطع ـ أن للامتثال مراتب أربع : أحدها : الامتثال العلمي التفصيلي ،
ثانيها : الامتثال العلمي الإجمالي [٣]
ثالثها : الامتثال الظني ، رابعها : الامتثال الاحتمالي ؛ وهذه
[١] أقول : لو عبر
بقصد التمييز كان أولى ، لأن ما نحيل في الاحتياط هو قصد التمييز ، وإلا فلا قصور
في التقرب برجاء الأمر ولا في قصد الوجه ولو رجاء ، كما لا يخفى.
[٢] أقول : فيه نظر
، لأن رجاء الأمر فيه كاف بلا تشريع ، ولذا قلنا : بأن الأولى جعل المانع قصد
التمييز لا غير.
[٣] أقول : عند من
احتمل اعتبار قصد التمييز لابد من عدم هذه المراتب. نعم : لا بأس بالالتزام بها في