لعضلات المكلف ،
وذلك لا يكون إلا بعد العلم بتحقق الموضوع وانطباق الكبرى المجعولة الشرعية عليه ،
فلا أثر للعلم بتشريع الكبرى مع عدم العلم بانضمام الصغرى إليها ، لأن وجود الصغرى
خارجا مما له دخل في فعلية الكبرى ، غايته أن التكليف قد يكون على وجه يجب على
المكلف ايجاد الصغرى ـ إن كان مما يمكنه ايجاده ـ فتنطبق الكبرى عليها فيكون الحكم
فعليا ، وقد يكون التكليف على وجه لا يجب على المكلف ايجاد الصغرى ـ وإن كان يمكنه
ايجادها.
ثم لا يخفى أن ما ذكرنا : من أن
التكاليف العدمية الانحلالية إنما تكون مشروطة بوجود الموضوع في الخارج ومع الشك
في وجود الموضوع لا علم بالتكليف ، إنما هو إذا كان المنهى عنه نفس الطبيعة
المطلقة على نحو السالبة المحصلة ، كقوله : « لا تشرب الخمر » حيث ينحل إلى قضايا
جزئية حسبما للخمر من الأفراد الخارجية.
وأمّا إذا كانت القضية على نحو الموجبة المعدولة المحمول[١] كأن يقال :
[١] أقول مرجع
القضية المعدولة إذا كان إلى ربط السلب قبال السالبة الراجعة إلى سلب الربط ، لا
شبهة في أن المسلوب في المعدولة هي الطبيعية التي هي متعلق سلب الربط في السالبة ،
فهذه الطبيعة إذا كانت بوجودها عين وجود الأفراد ، فلا جرم عدمها أيضا عين عدم
الأفراد ، ومجرد وقوع سلبها طرف الربط في القضية لا يوجب المغايرة بين هذا العدم
وعدم أفراده ، بل العينية باقية بحاله ، وحينئذ فإذا كان المسلوب الطبيعة السيالة
في ضمن الأفراد ، فلا شبهة في أن عدم هذه الطبيعة يختلف قلة وكثرة بقلة الأفراد
وكثرتها ، كما أن في وجودها أيضا كذلك ، حيث إنها بالنسبة إلى الأفراد بمنزلة
الآباء ، فكلما ازداد الفرد كثرة ازدادت الطبيعة وجودا وقلت عدمها ، وهكذا الأمر
بالعكس ، ولازمه مع الشك في فردية شيء لها تردد عدم الطبيعة ـ بل وجوده ـ بين
الأقل والأكثر ، وحينئذ فإذا أضيف شيء بمثل هذا العدم كان متصفا بمفهوم مردد بين
الأقل والأكثر ، وفي مثله لا يكاد يجرى الاشتغال ، إذ مع تردد المفهوم بين الأقل
والأكثر لا يكاد يتم حجية الخطاب بمثل هذا العنوان المردد بالإضافة إلى الفرد
المشكوك ، وحينئذ لو قيل « كن لا شارب الخمر » فمع كون « اللاشاربية » مرددا بين
الأقل والأكثر ـ حسب ازدياد فرده وقلته ـ كيف يتم حجية هذا الخطاب بالإضافة إلى
المرتبة المشكوكة؟ ومع عدم حجية الخطاب بالنسبة إلى المرتبة المشكوكة من أين يقتضي
قاعدة الاشتغال تحصيل الفرد المشكوك ، فتدبر في المقام ، فإنه من مزال الأقدام.