وهو ليس له حالة
سابقة فلا معنى لاستصحاب عدم التذكية المركبة من جزئين قد تحقق أحد جزئيها وجدانا
والجزء الآخر ليس مما تعلق به اليقين سابقا لعدم العلم به.
فاسد [١] فان المفروض أن التذكية ليست مركبة من
جزئين ، بل هي عبارة عن الأمر البسيط المتحصل من مجموع الأمرين ، وهذا المعنى
البسيط كان مقطوع العدم في حال حياة الحيوان قبل ورود فعل المذكى عليه ، وبعد ورود
فعل المذكى يشك في وجوده فيستصحب عدمه ، غايته أن جهة اليقين والشك تختلف ، فإنه
في حال الحياة كانت جهة اليقين بعدم التذكية عدم ورود فعل المذكى عليه وهذه الجهة
قد انتفت بورود فعل المذكى عليه ، وجهة الشك في كونه مذكى هي قابليته للتذكية.
واختلاف جهة الشك واليقين لا يضر بالاستصحاب. نعم : لو كانت التذكية عبارة عن نفس
المجموع المركب لم
يكن للاستصحاب مجال ، فتدبر جيّداً.
الأمر
الثالث :
قد عرفت : أنه لو استفيد من الأدلة
قابلية كل حيوان للتذكية فلا
[١] أقول : أظن أن
في ذهن « المقرر » جعل هذا الوجه أيضا أحد الشقين المقابل لما اختاره من الوجه
السابق ، حيث إن مقابله إما جعل التذكية أثرا حاصلا أو جعلها عبارة عن مجموع
الأفعال مع القابلية ، ثم دفع توهم جريان أصالة عدم التذكية على هذا الفرض أيضا ،
فان العبارة وقعت في غير محله فصارت بمنزلة توضيح الواضح.
وبالجملة نقول : إنه قد أشرنا
سابقا أنه على كل واحد من الاحتمالات نحو من الأصل ، فعلى الأثر الحاصل يجرى أصالة
عدم التذكية بلا إشكال. وعلى كون التذكية نفس الأفعال مع خروج القابلية عن حقيقته
، فلا قصور في جريان أصالة عدم التذكية عند الشك في جريان فعل عليه من حيث العلم
بالحالة السابقة.
ولكن لا نتيجة له مع الشك في
القابلية ، كيف! ومع القطع بوجودها حينئذ لا ينتج شيئا. وعلى كون القابلية داخلا
في حقيقتها ، فمع الشك في القابلية لا يجرى الأصل من جهة الشك في الحالة السابقة ،
كما لا يخفى ، فتدبر.