هي من الأصول
الحكمية الغير المتكفلة للتنزيل ، فكل أصل متكفل للتنزيل يكون حاكما عليها ، ونعني
ب « الأصل المتكفل للتنزيل » هو أن يكون مفاد الأصل إثبات المؤدى بتنزيله منزلة
الواقع بحسب الجري العملي ، سواء كان المؤدى موضوعا خارجيا أو حكما شرعيا.
ومراد الشيخ قدسسره من الأصل الموضوعي في قوله : « إن أصل
أصالة الإباحة في مشتبه الحكم إنما هو مع عدم أصل موضوعي حاكم عليها » هو ما ذكرنا
، لا خصوص الأصل الجاري في الموضوع مقابل الحكم الشرعي ـ كما ربما يوهمه ظاهر
العبارة ـ بل كل أصل محرز متكفل للتنزيل يكون حاكما على أصالتي البراءة والاشتغال
، فلو شك في حلية الحيوان وطهارته ـ من جهة الشك في قبوله التذكية ـ حكم عليه
بالحرمة ، لأصالة عدم التذكية ، ولا تجرى أصالة الحل والبرائة فيه.
ولا بأس باستقصاء الكلام في ما يتعلق
بالمثال ، وإن كان خارجا عن المقام ، وذلك يتم برسم أمور :
الأمر
الأوّل :
اختلفت كلمات الأصحاب فيما يقبل التذكية
من الحيوان
، فقيل : لا يقبل التذكية إلا ما يحل أكله : من الغنم والبقر وغير ذلك. وقيل : كل
حيوان يقبل التذكية ما عدا المسوخ. وقيل : بقبول المسوخ للتذكية أيضا ويختص ما لا
يقبل التذكية بالحشرات. وينسب إلى العامة القول بقبول الحشرات للتذكية أيضا. ولا
يبعد استفادة التعميم لغير الحشرات ونجس العين من بعض الأدلة. وعليه : لا يبقى
مورد لجريان أصالة عدم التذكية في الشبهات الحكمية بعد العلم بكون الحيوان ليس من
الحشرات ولا من نجس العين ، فلو تولد حيوان من الغنم والأرنب ـ ولم يتبع أحدهما في
الاسم ـ يحكم عليه بأنه يقبل التذكية ، وبعد ورود التذكية عليه ـ من فرى الأوداج
وغير ذلك من الأمور الخمسة المعتبرة في