ودعوى ثبوت العلم الإجمالي في خصوص
الشبهات التي لم يقم عليها دليل ، مما لا شاهد عليها ، وقد تقدم في دليل الانسداد
تفصيل ذلك بما لا مزيد عليه ، هذا ، مضافا إلى أن متعلق العلم الإجمالي أعم من
الشبهات الوجوبية والتحريمية ، فلا وجه لجعل ذلك وجها لوجوب الاحتياط في خصوص
الشبهات التحريمية.
وأمّا
الوجه الثاني : فهو أسوء حالا من
الوجه الأول ، لما فيه أولا : من المنع عن كون الأصل في الأشياء الحظر بل الأصل
فيها الإباحة لعموم قوله تعالى : «
خلق لكم ما في الأرض جميعا » [٢]. وثانيا : من الفرق بين مسألة الحظر
والإباحة ومسألة البراءة والاشتغال ، وقد تقدم تفصيل ذلك أيضا ( في أول مبحث
البراءة ) فراجع.
فالإنصاف : أنه ليس للأخباري ما يمكن أن
يقاوم حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، وقوله صلىاللهعليهوآله
« رفع ما لا يعلمون » فالأقوى : جواز الاقتحام في الشبهات التحريمية الحكمية التي
هي مورد البحث والنزاع بين الأخباريين والأصوليين.
وقد ذكر الشيخ قدسسره في خاتمة المسألة تنبيهات لا يهمنا
التعرض لها.
نعم
: ينبغي التنبيه على أمر ، وهو أن أصالة البراءة والإشتغال إنّما
[١] أقول : ظاهر
كلام « شيخنا الأعظم » لا غبار فيه ، إذ هو ينادى بأن التكليف الفعلي الملزم للعقل
بالموافقة لا يكون إلا بما أدى إليه الطرق ، بملاحظة أن الطرق مطلقا موجبة لانحلال
العلم المانع عن تنجيزه للواقعيات المحتملة الانطباق على غير دائرة الطرق المعلومة
، لا أن غرضه انقلاب التكاليف الواقعية بمؤدى الطرق ، أو أن الطرق المعلوم
المطابقة بمقدار المعلوم بالإجمال ، كما توهم.