وقد
استدل للبرائة بأخبار أخر ،
أظهرها دلالة قوله عليهالسلام
« كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهى » [١].
والاستدلال به مبنى على أن يكون «
الورود » بمعنى الوصول إلى المكلفين ، لا الورود المقابل للسكوت ، وإلا كان مفاده
أجنبيا عن محل البحث ، فان الورود المقابل للسكوت هو بمعنى الجهل بالتشريع ، فيكون
مفاد الحديث المبارك : « كل شيء مطلق والناس منه في سعة ما لم يبين الله تعالى
حكمه » أي ما دام مسكوتا عنه ، كما ورد في الخبر : « إن الله تعالى سكت عن أشياء
لم يسكت عنها نسيانا » الخبر [٢]
وأين هذا مما هو مورد البحث من الشك في التكليف بعد تبين الأحكام وتبليغها إلى
الأنام وعروض الاختفاء لبعضها لبعض موجبات الاختفاء!.
وقد استدل على البراءة بقوله عليهالسلام « كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال
حتى تعرف الحرام بعينه » أو « حتى تعرف الحرام منه بعينه » على اختلاف النسخ [٣].
وقوله عليهالسلام
: « كل شيء لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه [٤].
ولا يخفى : ظهور كلمة « فيه » و « منه »
و « بعينه » في الانقسام والتبعيض الفعلي ـ أي كون الشيء بالفعل منقسما إلى الحلال
والحرام ـ بمعنى أن يكون قسم منه حلالا وقسم منه حراما واشتبه الحلال منه بالحرام
ولم يعلم أن المشكوك من القسم الحلال أو الحرام ، كاللحم المطروح المشكوك كونه من
الميتة أو المذكى ، أو المايع المشكوك كونه من الخل أو الخمر ، فان اللحم أو
المايع
[١] الوسائل الباب
١٢ من أبواب صفات القاضي الحديث ٦٠.