غايته أنه في الثلاثة الأخيرة ـ وهي
الحسد والطيرة والوسوسة في الخلق ـ يكون المراد دفع المقتضى عن تأثيره في أصل
تشريع الحكم وجعله فيها مع ثبوت المقتضى له منة على العباد وتوسعة عليهم ، وسيأتي
بيان المراد من الحكم الذي كان له اقتضاء الجعل والتشريع في الحسد وأخويه.
وفي غير « ما لا يعلمون » من الخمسة
الاخر ـ وهي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وما لا يطيقون وما اضطروا إليه ـ
يكون المراد دفع تأثير المقتضى عن شمول الحكم واطراده لحال النسيان والاضطرار
والإكراه والخطأ وما لا يطاق ، فتكون نتيجة الدفع تخصيص الحكم بما عدا هذه الموارد
، وسيأتي أن التخصيص في ذلك يكون من التخصيص الواقعي وليس من التخصيص الظاهري.
وفي « ما لا يعلمون » يكون المراد دفع
مقتضيات الأحكام الواقعية عن تأثيرها في ايجاب الاحتياط ، مع أن ملاكاتها كانت
تقتضي ايجاب الاحتياط [١].
ويظهر من الشيخ قدسسره : أن « الدفع » من أول الأمر ورد على
ايجاب الاحتياط ، لا أنه ورد على مقتضيات الأحكام الواقعية من حيث تأثيرها في
ايجاب الاحتياط.
قال قدسسره
: « وحينئذ فنقول : معنى رفع أثر التحريم فيما لا يعلمون عدم ايجاب الاحتياط
والتحفظ فيه الخ ».
ولا يخفى ما فيه من المسامحة ، فان
المراد من « الموصول » في قوله صلىاللهعليهوآله
« رفع ما لا يعلمون » نفس الأحكام الواقعية ، لأنها هي
[١] أقول : ليس
المراد نفي نفس المقتضيات الواقعية جزما ولا تأثيرها في الأحكام الواقعية كذلك ،
بل المراد نفي « ما لا يعلمون » بالعناية ، باعتبار نفي تأثيرها الذي هو عين أثرها
من إيجاب الاحتياط ظاهرا ، ومرجع كلام الشيخ قدسسره
أيضا إلى ذلك ، فتدبر فيه.