أمّا
الكتاب : فبآيات منها : قوله تعالى « لا يكلّف الله نفساً
إلاّ ما آتاها » [١] والاستدلال بها مبنى على أن يكون
المراد من « الموصول » التكليف ومن « الايتاء » الوصول والإعلام ، فيكون المعنى «
لا يكلف الله نفسا إلا بتكليف واصل إلى المكلف » وفي حال الشك لا يكون التكليف
واصلا ، فلا تكليف.
وفيه أولا : أن المحتملات في الموصول
ثلاثة : أحدها : ما ذكر في تقريب الاستدلال. ثانيها : أن يكون المراد من « الموصول
» المال ومن « الايتاء » الملك ، فيكون المعنى : « لا يكلف الله نفسا بمال إلا بما
ملكه » ثالثها : أن يكون المراد من « الموصول » مطلق الشيء ، ومن « الايتاء »
الإقدار ، أي « لا يكلف الله نفسا بشيء إلا بما أقدرها ومكنها عليه ».
والآية المباركة ليس لها ظهور في الوجه
الأول ، بل يمكن أن يقال بظهورها في الوجه الثالث ، لظهور « الموصول » في كونه
مفعولا به ، وعلى الوجه الأول لابد وأن يكون « الموصول » مفعولا مطلق ، لأنه لا
يعقل أن يتعلق التكليف بالتكليف إلا على وجه تعلق الفعل بالمفعول المطلق.
ولا يمكن أن يراد من « الموصول » الأعم
من التكليف والمال والشيء [٢]
فإنه لا جامع بين المفعول به والمفعول المطلق ، لأن نحو تعلق الفعل بالمفعول به
يباين نحو تعلقه بالمفعول المطلق.
[٢] أقول : لو لم
نقل بأن تعلق الفعل بالجامع بين المفاعيل تعلق آخر غير مرتبط بأحد التعليقات
الثلاثة ، مع أنه لو كان ذلك بنحو الدالين والمدلولين لا بأس بتعلقه بالموصول
المتخصص بالخصوصيات بدال آخر ، وكان تعلقه بكل خاص نحوا من التعلق غير الآخر ، كما
لا يخفى.