تجرى في الشبهات
الموضوعية والحكمية وتعم بها البلوى وتطرد في جميع أبواب الفقه تنحصر في الأصول
الأربعة ، وهي : البراءة والاشتغال والتخيير والاستصحاب ، وحيث إن مباحث التخيير
قليلة لا يستحق إفراد فصل يخصه ، فالأولى التعرض لمباحثه في ضمن مباحث البراءة ،
وعقد فصول ثلاثة للبرائة والاشتغال والاستصحاب.
الأمر
الخامس :
قد تقدم : أن مجرى البراءة إنما هو الشك
في التكليف ، وهو على أقسام : لأن الشك قد يكون في التكليف النفسي الاستقلالي وقد
يكون في التكليف الغيري ، وعلى كلا التقديرين قد تكون الشبهة حكمية وقد تكون
موضوعية ، والشبهة الحكمية قد تكون وجوبية وقد تكون تحريمية ، ومنشأ الشك في
الشبهة الحكمية تارة : يكون فقد النص ، وأخرى : يكون إجمال النص ، وثالثة : يكون
تعارض النصين ، ومناط البحث في جميع هذه الأقسام وإن كان متحدا ، إلا أنه قد يكون
لبعض هذه الأقسام خصوصية تقتضي إفراد البحث عنه ، فالأولى : إفراد البحث عن كل
واحد من هذه الأقسام بخصوصه ، وسيأتي أن محل النزاع بين الأصولي والأخباري خصوص
الشبهات التحريمية الحكمية ، دون سائر الإقسام.
الأمر
السادس :
قد يتوهم : أن البحث عن مسألة كون الأصل
في الأشياء الحظر أو الإباحة يغنى عن البحث عن مسألة البراءة والاشتغال ، بل البحث
عن إحدى المسألتين عين البحث عن الأخرى ، فلا وجه لعقد مسألتين يبحث في إحديهما عن
الحظر والإباحة وفي الأخرى عن
البراءة والاشتغال.
ولكن التحقيق : أن البحث عن إحديهما لا
يغني عن البحث عن