المنقول متيقن
الاعتبار بالإضافة إلى غيره ـ مما لا شاهد عليها ، إذ لا مزية له على سائر الطرق
الظنية ، فيتردد الطريق المنصوب بينها ، ولابد حينئذ من التنزل إلى تعيينه بالظن.
وأمّا ما أفاده بقوله : « ورابعا :
سلمنا عدم وجود القدر المتيقن ، لكن اللازم من ذلك وجوب الاحتياط ، فإنه مقدم على
العمل بالظن الخ » ففيه : أن الاحتياط في الطرق ـ مع أنه لا يمكن لمعارضة بعضها مع
بعض وغير المعارض منها قليل لا يفي بالأحكام ـ يرجع إلى الاحتياط في الأحكام ، فان
الاحتياط بالطريق إنما يكون باعتبار المؤدى والطرق إنما تؤدى إلى الأحكام ،
فالاحتياط فيها يلازم الاحتياط في الأحكام ، بل هو هو ، والمفروض عدم وجوبه أو عدم
جوازه. وهذا بخلاف الظن بطريقية الطريق ، فإنه لا يلازم الظن بالحكم حتى يتوهم :
أن اعتبار الظن بالطريق يرجع إلى اعتبار الظن بالحكم.
فالإنصاف : أن هذه الوجوه الأربعة قابلة
للدفع عن « صاحب الفصول ».
نعم : يرد عليه ما أفاده بقوله : «
وخامسا : سلمنا العلم الإجمالي بوجود الطرق المجعولة وعدم المتيقن وعدم وجوب
الاحتياط ، لكن نقول : إن ذلك لا يوجب تعين العمل بالظن في مسألة تعيين الطريق فقط
، بل هو مجوز له ، كما يجوز العمل بالظن في المسألة الفرعية الخ ».
وتوضيح ذلك : هو أنه قد تقدم في الدليل
العقلي الذي أقيم على حجية الخبر الواحد أن مجرد العلم الإجمالي بنصب طريق لا
يقتضي انحلال العلم الإجمالي بالأحكام الشرعية الواقعية ، فإنه لا يترتب عيه آثار
الحجية : من تنجيز الواقع عند المصادفة والمعذورية عند المخالفة ، فان هذه الآثار
إنما ترتب على الطريق الواصل إلى المكلف تفصيلا لتجري فيه الأصول اللفظية والجهتية
، بداهة أن الطريق ما لم يكن محرزا لدى المكلف وواصلا إليه موضوعا وحكما لا يجرى
فيه الأصل اللفظي : من أصالة إرادة الظهور والأصل الجهتي : من أصالة