جعل الحجية إذ يبقى
لها مورد ، وهو ما إذا كان الأثر مترتبا على نفس المودى بلا دخل للعلم فيه ، ولكن
مع ذلك الملازمة العرفية تقتضي تنزيل أحد العلمين منزلة الآخر.
هذا حاصل ما أفاده في « الحاشية » ورده
في « الكفاية » بما حاصله :
ان ذلك يستلزم الدور المحال [١] فان تنزيل المؤدى منزلة الواقع فيما
كان للعلم دخل لا يمكن إلا بعد تحقق العلم في عرض ذلك التنزيل ، فإنه ليس للواقع
أثر يصح بلحاظه التنزيل ، بل الأثر مترتب على الواقع والعلم به ، والمفروض أن
العلم بالمؤدى يتحقق بعد تنزيل المؤدى منزلة الواقع ، فيكون التنزيل موقوفا على
العلم والعلم موقوفا على التنزيل ، وهذا دور محال ، هذا.
ولكن لا يخفى عليك : أنه لا ينحصر
الإشكال على ما أفاده في « الحاشية » بالدور ، بل مضافا إلى الدور يرد عليه :
أولا : ان ذلك مبنى على أن يكون المجعول
في باب الطرق والأمارات هو المؤدى ، وقد تقدم فساده وأن جعل المؤدى يوجب التصويب [٢] ويقتضي أن تكون الحكومة واقعية لا
ظاهرية ، وهذا ينافي ما عليه المخطئة ، وسيأتي أيضا تفصيل ذلك ( إن شاء الله تعالى
) في باب جعل الطرق والأمارات.
وثانيا : ان المفروض أن الموضوع مركب من
العلم ومتعلقه ، و
[١] أقول : عمدة
الإشكال فيما أفيد في دعوى الملازمة العرفية ، وإلا فمع الالتزام به فإنما يرد
إشكال الدور على فرض الاحتياج في صحة التنزيل إلى فعلية الأثر للجزء الآخر ، وإلا
فلو قلنا بأن أثر الجزئية هي القضية التعليقية من أنه لو انضم إليه الجزء الآخر
ليجب فعلا وأنه يكفي لصحة التنزيل هذا المقدار الناشئ من جعله جزء ، فلا دور ،
لعدم توقفه على فعلية الجزء الآخر.
[٢] أقول : لو كان
نتيجة جعل المودى منزلة الواقع حكما مستقلا عن إرادة مستقلة لا يلزم تصويب ، بل
غاية الأمر جعل حكم ظاهري في طول الواقع ، كما سيأتي بيانه ( إن شاء الله تعالى )
فضلا عن أن يكون نتيجته جعل حكم طريقي ـ الذي عبارة عن حكم وخطاب ظاهري ـ مبرز
للإرادة الواقعية ، بل الحكم الواقعي أيضا ، لأنه تتم مع إرادته ، كما هو الشأن في
جميع الخطابات الايجابية الظاهرية وغيرها ، كما سيجيء شرحها في بحث الظن ( إن شاء
الله ) فتدبر.