بالشك » يناقض وجوب
النقض في البعض بمقتضى قوله عليهالسلام
في الذيل : « ولكن تنقضه بيقين آخر » لأن تناقض الصدر والذيل إنما يلزم إذا كان
اليقين والشك في جميع الأطراف فعليا ملتفتا إليه ، وأما إذا لم يكن الشك الفعلي
إلا في بعض الأطراف وكان الطرف الآخر غير ملتفت إليه ، فالاستصحاب إنما يجرى في
خصوص الطرف الملتفت إليه الذي يكون الشك فيه فعليا ، ولا يجرى في الطرف الآخر في
ظرف جريانه في ذلك الطرف ، لانتفاء شرطه ـ وهو الشك الفعلي ـ وإذا وصلت النوبة إلى
جريان الاستصحاب فيه بعد وجود شرطه وحصول الشك الفعلي فيه يكون ذلك الطرف الذي جرى
فيه الاستصحاب سابقا خارجا عن محل الابتلاء ، فلا مانع من جريان الاستصحاب فيه
أيضا ، غايته أنه بعد ذلك يعلم أن أحد الاستصحابين كان مؤداه مخالفا للواقع ، ولا
ضير في ذلك بعد ما لم يكن هذا العلم حاصلا في طرف جريان الاستصحاب ، والاستصحابات
التي يعملها المجتهد في مقام الاستنباط تكون من هذا القبيل ، فان استنباط الأحكام
إنما يكون على التدريج وليس جميع موارد الاستصحابات ملتفتا إليها دفعة ليكون الشك
فيها فعليا ، بل الالتفات والشك يكون تدريجيا حسب تدريجية الاستنباط ، فلا يجري
الاستصحاب في جميع أطراف الشبهة دفعة واحدة ليكون العلم بانتقاض الحالة السابقة في
بعضها مانعا عن جريانه ، بل أقصاه حصول العلم بعد تمامية الاستنباط في أبواب الفقه
بمخالفة بعض الاستصحابات التي أعملها في مقام الاستنباط للواقع ، وقد عرفت : أن
هذا العلم لا يضر بصحة الاستصحابات. هذا حاصل ما أفاده قدسسره بتوضيح منا.
وأنت خبير بما فيه ، فان كل مجتهد قبل
خوضه الاستنباط يعلم بأن الأحكام الشرعية المترتبة على موضوعاتها المقدرة وجوداتها
قد تنتفي بعض خصوصيات الموضوع عند تحققه خارجا الموجب للشك في بقاء الحكم ، وأن
الوظيفة عند ذلك هي استصحاب بقاء الحكم ، ويعلم أيضا بانتقاض الحالة