الأمر
الرابع : المصالح والمفاسد التي تبتنى عليها
الأحكام ، قد تكون شخصية راجعة إلى آحاد المكلفين كالواجبات العبادية وغالب
المحرمات ، كالصوم والصلاة والحج والزنا وشرب الخمر وغير ذلك مما تعود المصلحة
والمفسدة إلى شخص الفاعل.
وقد تكون نوعية كالواجبات النظامية ، من
الطبابة والصياغة والخياطة ونحو ذلك مما يتوقف عليها حفظ الجامعة والنظام.
وفي كلا القسمين تكون المصلحة والمفسدة
في متعلق الأمر ، لا في نفس الأمر ، فإنه لو كانت المصلحة في نفس الأمر والجعل كان
اللازم حصولها بمجرد الأمر ولم يبق موقع للامتثال ، فالمصلحة لابد وأن تكون في
المتعلق ، بل في الأوامر الامتحانية أيضا لا تكون المصلحة في نفس الأمر ، وإنما
المصلحة في إظهار العبد الطاعة والعبودية.
وبالجملة : دعوى كون المصلحة في نفس
الأمر والجعل ولو موجبة جزئية مما لا سبيل إليها.
إذا عرفت هذه الأمور ، فاعلم : أن
المراد من « الضرر
» في قول المستدل « إن الظن بالحكم يستلزم الظن بالضرر » إن كان هو العقاب
فالملازمة ممنوعة ، فان العقاب يدور مدار التنجيز وهو يدور مدار وصول التكليف
وإحرازه بالعلم أو ما يقوم مقامه من الطرق الشرعية ، لما عرفت ( في الأمر الأول )
من أن التكليف بوجوده الواقعي قاصر عن أن يكون داعيا ومحركا لإرادة العبد ويقبح
العقاب عليه. والظن بالحكم مع عدم قيام الدليل على اعتباره وجعله كاشفا ومحرزا لا
يقتضي وصول الحكم ، وما لم يصل لا عقاب عليه ، لاستقلال العقل بقبح العقاب بلا
بيان واصل إلى المكلف ، فالظن بالحكم لا يلازم احتمال العقاب فضلا عن الظن به ،
لأن العقاب فرع التنجيز وهو فرع الوصول ، فما يقال : من « أن الظن بالحكم وإن لم
يلازم الظن بالعقاب إلاّ أنّه يحتمل