تكون ناشئة عن
فطرتهم المرتكزة في أذهانهم حسب ما أودعها الله تعالى في طباعهم بمقتضى الحكمة
البالغة حفظا للنظام.
ولا يخفى بعد الوجه الأول بل استحالته
عادة ، وكذا الوجه الثاني ، فالمتعين هو الوجه الثالث ، ولكن على جميع الوجوه
الثلاث يصح الاعتماد عليها والإتكال بها ، فإنها إذا كانت مستمرة إلى زمان الشارع
وكانت بمنظر منه ومسمع وكان متمكنا من ردعهم ، ومع هذا لم يردع عنها فلا محالة
يكشف كشفا قطعيا عن رضاء صاحب الشرع بالطريقة ، وإلا لردع عنها كما ردع عن كثير من
بناءات الجاهلية ، ولو كان قد ردع عنها لنقل إلينا لتوفر الدواعي إلى نقله.
ومن ذلك يظهر : أنه لا يحتاج في اعتبار
الطريقة العقلائية إلى إمضاء صاحب الشرع لها والتصريح باعتبارها ، بل يكفي عدم
الردع عنها ، فان عدم الردع عنها مع التمكن منه يلازم الرضاء بها وإن لم يصرح
بالإمضاء.
نعم : لا يبعد الحاجة إلى الإمضاء في
باب المعاملات [١]
لأنها من الأمور الاعتبارية التي تتوقف صحتها على اعتبارها ، ولو كان المعتبر غير
الشارع فلابد من إمضاء ذلك ولو بالعموم أو الإطلاق. وتظهر الثمرة في المعاملات
المستحدثة التي لم تكن في زمان الشارع كالمعاملة المعروفة في هذا الزمان ب (
البيمة ) فإنها إذا لم تندرج في عموم « أحل الله » و « أوفوا بالعقود » ونحو ذلك ،
فلا يجوز ترتيب آثار الصحة عليها.
وإذا قد عرفت الفرق بين هذه الوجوه
الأربعة في تقرير الإجماع.
فاعلم : أنه يصح التمسك بالإجماع القولي
المحكى عن الشيخ
[١] أقول : لا فرق
في المقامين بعد تسليم أن عدم ردعه عنهم يكشف عن رضائه بعملهم كما أن هذا الكشف
أيضا في صورة وجود المعاملة في زمانه وكونها بمرئى منه عليهالسلام ومسمعه ، وعدم مانع خارجي عن ردعه ،
فان ذلك يلازم الإمضاء الكاشف عن أن اعتبار الشارع أيضا على وفق اعتبارهم ، كما لا
يخفى.