وأمّا المجعول في باب الأصول التنزيلية
فهي الجهة الثالثة من العلم ، وهو الجري والبناء العملي على الواقع من دون أن يكون
هناك جهة كشف وطريقية ، إذ ليس للشك الذي اخذ موضوعا في الأصول جهة كشف عن الواقع
كما كان في الظن ـ فلا يمكن أن يكون المجعول في باب الأصول الطريقية والكاشفية ،
بل المجعول فيها هو الجري العملي والبناء على ثبوت الواقع عملا الذي كان ذلك في
العلم قهريا وفي الأصول تعبديا.
ومما ذكرنا ظهر : أن حكومة الطرق
والأمارات والأصول على الأحكام الواقعية ليست الحكومة الواقعية ، مثل قوله «
الطواف بالبيت صلاة » [١]
وقوله « لا شك لكثير الشك » [٢]
بل الحكومة الظاهرية.
والفرق
بين الحكومة الواقعية والحكومة الظاهرية ،
هو أن الحكومة الواقعية توجب التوسعة والتضيق في الموضوع الواقعي ، بحيث يتحقق
هناك موضوع آخر واقعي في عرض الموضوع الأولى كما في قوله « الطواف بالبيت صلاة »
وهذا بخلاف الحكومة الظاهرية مع ما لها من العرض العريض : من حكومة الأمارات بعضها
على بعض ، وحكومتها على الأصول ، وحكومة الأصول بعضها على بعض ، وحكومة الجميع على
الأحكام الواقعية ، فإنه ليس في الحكومة الظاهرية توسعة وتضييق واقعي ، إلا بناء
على بعض وجوه جعل المؤدى الذي يرجع إلى التصويب. وأما بناء على المختار : من عدم
جعل المؤدى وأن المجعول فيها هو الوسطية في الإثبات والكاشفية والمحرزية ، فليس
هناك توسعة وتضييق واقعي ، وحكومتها إنما تكون باعتبار وقوعها في طريق إحراز
[٢] لم نجد حديثا
بهذه العبارة ـ على ما تفحصنا ـ في روايات الباب ، وإليك نص ما أورده في الوسائل «
إذا كثر عليك السهو فامض على صلاتك » و « لا سهو على من أقر على نفسه بسهو » راجع
الوسائل الباب ١٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة. ( المصحح )