الحاكم ولو كان ظهور
المحكوم أقوى من ظهور الحاكم أو كانت النسبة بينهما العموم من وجه. والسر في ذلك :
هو أن الحاكم إنما يتعرض لعقد وضع المحكوم ، إما بتوسعة الموضوع بإدخال ما ليس
داخلا فيه ، وإما بتضييقه باخراج ما ليس خارجا عنه ، كما ذكرنا تفصيله في « الجزء
الرابع » والمفهوم في الآية يوجب تضييق موضوع العام وإخراج خبر العادل عنه موضوعا
بجعله محرزا للواقع.
فان
قلت : إن ذلك كله فرع ثبوت المفهوم للقضية
الشرطية ، والمدعى هو أن عموم التعليل واتصاله بها يمنع عن ظهور القضية في
المفهوم.
قلت
: المانع من ثبوت المفهوم ليس إلا توهم
منافاته لعموم التعليل وعمومه يقتضي عدم كون القضية ذات مفهوم ، وإلا فظهورها
الأولى في المفهوم مما لا سبيل إلى إنكاره. وبالبيان المتقدم ظهر : أنه لا منافاة
بين المفهوم وعموم التعليل. لأن ثبوت المفهوم للقضية لا يقتضي تخصيص عمومه ، بل
العموم على حاله ، والمفهوم يوجب خروج خبر العادل عن موضوعه لا من حكمه. ولا يكاد
يمكن أن يتكفل العام بيان موضوعه من وضع أو رفع ، بل إنما يتكفل حكم الموضوع على
فرض وجوده ، والمفهوم يمنع عن وجوده ويخرج خبر العادل عما وراء العلم الذي هو
الموضوع في العام ، فلا يعقل أن يقع التعارض بينهما ، وذلك واضح.
فظهر : أن التفصي عن الإشكال
لا يحتاج إلى القول بأن المراد من الجهالة ما يقابل الظن الاطميناني.
فالآية تدل على حجية كل ظن اطميناني ،
كما أفاده الشيخ قدسسره
فان ذلك تبعيد للمسافة ، مع إمكان التفصي عن لإشكال بوجه أقرب ، وهو ما تقدم ،
فتأمل جيدا.
ومن
الإشكالات التي تختص بآية النبأ أيضاً :
هو أنه يلزم خروج المورد
عن عموم المفهوم ، مع أن العام يكون
نصا في المورد ولا يمكن تخصيصه بما