وجوبه شرطاً للعمل
بخبر الفاسق فلا نحتاج إلى هذه المقدمة [١]
فإنه على هذا يكون مفاد المنطوق وجوب التبين عند العمل بخبر الفاسق ومفاد المفهوم
عدم وجوب التبين عند العمل بخبر العادل ، فيتم الاستدلال بلا ضم تلك المقدمة.
ولا إشكال في أن وجوب التبين يكون شرطيا
لا نفسيا كما يظهر ذلك من التعليل في ذيل الآية ، فان إصابة القوم بالجهالة إنما
تكون عند العمل بخبر الفاسق لا مطلقا ، فلا يحتمل الوجوب النفسي في التبين ، وذلك
واضح.
الثاني
: بمفهوم الوصف ، وتقريبه : ان الآية
الشريفة نزلت في شأن « الوليد » لما أخبر بارتداد « بني المصطلق » وقد اجتمع في
خبر « الوليد » وصفان : أحدهما كونه من الخبر الواحد ، ثانيهما كون المخبر به
فاسقا ، ولا إشكال أن العلة لوجوب التبين لو كان هو الخبر الواحد لكان ذلك أولى
بالذكر من كون المخبر به فاسقا ، فان اتصاف الخبر خبرا واحدا يكون مقدما بالرتبة
على اتصافه بالفاسق ، لأن خبر الواحد يكون مقسما لخبر الفاسق والعادل ، فيكون
الخبر الواحد بمنزلة الموضوع للفاسق.
وبعبارة أخرى : يجتمع في خبر الفاسق
وصفان : وصف ذاتي وهو كونه خبرا واحدا ، ووصف عرضي وهو كونه فاسقا ، ومن المعلوم :
أنه لو اجتمع في
[١] أقول : لو كان
التبين شرطا للعمل الواجب ، فمجرد شرطية وجوب التبين لا يجدى لنفي المقدمة الأخرى
، إلا في فرض كون نظر الآية إلى نفي الشرطية فارغا عن وجوب العمل ، وإلا فلو كانت
الآية في مقام نفي وجوب التبين لا نفي شرطيته ، فغاية شرطية وجوبه كونه وجوبا
غيريا للعمل به ، ونفى هذا الوجوب الغيري للتبين لا يقتضي نفي شرطيته ، بل يناسب
مع نفي وجوب ذيها أيضا ، فإرجاع مثل ذلك إلى الاحتمال الأول وصرفه عن الثاني إلى
مقدمة الأسوئية.
نعم : لو كان التبين شرطا
لوجوب العمل فلا محيص من إرجاعه إلى نفي الشرطية ، إذ لا معنى لوجوب شرطية وجوب
شيء ، فلا محيص من جعل وجوبه كناية عن شرطيته ، ولكنه خلاف ظاهر القضية المتكفلة
لإثبات التكليف لا الوضع محضا ، كما لا يخفى.