وجودها ، بل يكون
البحث عن عوارض ، السنة ، بداهة أن انطباق الموضوع وعدم انطباقه يكون من العوارض
اللاحقة له ، كالبحث عن وجود الموضوع في زمان أو مكان ولا وجوده.
هذا ، ولكن لو أمكننا إدراج مسألة حجية
الخبر الواحد في مسائل الأصول بما ذكرناه من التوجيه ، فلا يمكننا إدراج كثير من
مهمات المباحث في علم الأصول لو جعلنا الموضوع خصوص الأدلة الأربعة ، مع أنه لا
ملزم إلى ذلك بعد إمكان أخذ الموضوع بمعنى يعم جميع هذه المسائل ، وهو « كل ما يقع
في طريق الاستنباط » ومن أوضح مصاديقه مسألة حجية الخبر الواحد ، فإنها تقع كبرى
لقياس الاستنباط والجزء الأخير من علته ، بل عليها يدور رحى الاجتهاد ، فان
الأخبار المتواترة والمحفوفة بالقرائن القطعية قليلة جدا لا تفي بمعظم الفقه ، بل
استفادة غالب الأحكام إنما تكون من الخبر الواحد ، فلابد للأصولي من إثبات حجيته ،
أو الاعتماد على الظن المطلق بمقدمات الانسداد.
ثمّ
لا يخفى عليك : أنه قد انعقد
الإجماع على حجية الأخبار المودعة فيما بأيدينا من الكتب ، ولكن لا يصح الاعتماد
والإتكال على هذا الإجماع ، لاختلاف مشرب المجمعين في مدرك الحجية ، فان منهم من
يعتمد على هذه الأخبار لتخيل أنها قطعية الصدور ، ومنهم من يعتمد عليها من أجل
اعتماده على الظن المطلق بمقدمات الانسداد ، ومنهم من يعتمد عليها لأجل قيام
الدليل بالخصوص عنده على حجيتها ، والإجماع الذي يكون هذا شأنه لا يصح الإتكال عليه
في البحث عن العوارض
، يلزم دخول البحث في وجود المهية وانطباقه على الخارج في المباحث كلها ، وهو كما
ترى!.
وأمّا المثال الذي مثل به من
البحث عن وجود شيء في المكان ، ففيه : أن القياس مع الفارق ، إذ الكينونة في
الزمان أو المكان جهة طارية على الوجود فارغا عن وجوده ، وهذا بخلاف البحث عن وجود
الطبيعة في ضمن فرد ، إذ هو ليس بحثا عن عوارض الوجود فارغا عن أصل وجوده ، بل
مرجع البحث فيه إلى البحث عن أصل وجودها في ضمن الفرد وعدمه ، كما لا يخفى ؛
فتدبر.