إذا عرفت ذلك فاعلم : أن الحاكي للاجماع
إنما يحكى السبب الكاشف عن المسبب والمنكشف ، إلا على مسلك الدخول ، قد عرفت فساد
أصل المسلك. وأما على المسالك الاخر : فالحكاية إنما هي للسبب ، وقد تقدم أن
الحكاية إن رجعت إلى السبب تكون عن حس [١]
لا عن حدس ، فلا بد من الأخذ بما يحكيه من السبب ، ويندرج ذلك في حجية الخبر
الواحد ، فان كانت الحكاية لتمام السبب في نظر المنقول إليه فهو ، وإلا احتيج إلى
ضم ما يكون تمام السبب ، وهذا يختلف باختلاف الحاكي والمحكى له ، فان كان الحاكي
للإجماع من المتقدمين على « العلامة » و « المحقق » و « الشهيد » رحمهمالله فلا عبرة بحكايته ، لأن الغالب فيهم
حكاية الإجماع على كل ما ينطبق على أصل أو قاعدة في نظرهم ، ولا عبرة بنظر الغير
في تطبيق المورد على الأصل أو القاعدة وإن كان نفس الأصل والقاعدة مورد الإجماع.
وأما إذا كان الحاكي من قبيل « الشهيد »
و « المحقق » و « العلامة » فالإنصاف اعتبار حكايتهم ، لأنهم يحكون نفس الفتاوى
وبلسان الإجماع الكاشفة عن وجود دليل معتبر مع عدم وجود أصل أو قاعدة أو دليل في
البين.
هذا خلاصة الكلام في الإجماع المنقول ،
ولا يستحق إطالة الكلام فيه أزيد مما ذكرنا ، فتدبر جيدا حتى يتضح لك الحال.
الفصل الثالث
ممّا قيل بحجيته بالخصوص
الشهرة في الفتوى
ولا بأس بالإشارة إلى أقسام الشهرة
وأحكامها في المقام ، وإن كان يأتي الكلام فيها في مبحث التعادل والتراجيح.