ناحية الاستعمال من
دون ان يكون مأخوذا في حقيقة المعنى.
القول
الثاني
هو انه ليس للحروف معنى أصلا ، بل هي
نظير علامات الاعراب من الرفع والنصب والجر ، حيث إن الأول علامة للفاعلية ، والثاني
علامة للمفعولية ، والثالث علامة للمضاف إليه ، من دون ان يكون لنفس الرفع والنصب
والجر معنى أصلا ، فكذلك الحروف ، حيث وضعت لمجرد العلامة لما أريد من مدخولها حسب
تعدد ما يراد من الدخول ، مثلا الدار تارة : تلاحظ بما لها من الوجود العيني ، التي
هي موجودة كسائر الموجودات التكوينية ، وأخرى : تلاحظ بما لها من الوجود الأيني
الذي هو عبارة عن المكان الذي يستقر فيه الشيء ، وكذلك البصرة مثلا تارة : تلاحظ
بما لها من الوجود العيني ، وأخرى : تلاحظ بما لها من الوجود الأيني ، وثالثة : تلاحظ
بما انها مبدء السير ، ورابعة : تلاحظ بما انها ينتهى إليها السير.
ومن المعلوم : انه في مقام التفهيم
والتفهم لا بد من علامة ، بها يقتدر على تفهيم المخاطب ما أريد من الدار والبصرة
من اللحاظات ، فوضع الاعراب علامة لملاحظة الدار بوجودها العيني ، فتقع ح مبتداء
أو خبرا فيقال : الدار كذا ، أو زيد في الدار ، ووضعت كلمة ( من ) للعلامة على أن
الدار أو البصرة لوحظت كونها مبدء السير ، و ( إلى ) علامة كونها ملحوظة منتهى
السير ، وكلمة ( في ) علامة لكونها ملحوظة بوجودها الأيني المقابل لوجودها العيني ،
فليس لكلمة ( من ) و ( إلى ) و ( في ) معنى أصلا ، بل حالها حال أداة الاعراب ، من
كونها علامة صرفة لما يراد من مدخولاتها ، من دون ان يكون تحت قوالب ألفاظها معنى
أصلا. وهذان القولان نسبا إلى الرضى ره لان اختلاف عبارته يوهم ذلك.
القول
الثالث
هو ان للحروف معاني ممتازة بالهوية عن
معاني الأسماء ، ويكون الاختلاف بين الحروف والاسم راجعا إلى الحقيقة ، بحيث تكون
معاني الحروف مباينة لمعاني الأسماء تباينا كليا ، لا ان معانيها متحدة مع معاني
الأسماء ، ولا انها علامات صرفة ليس لها معاني. وهذا القول هو الموافق للتحقيق
الذي ينبغي البناء عليه. و