الا كان بين
الدليلين تعارض ان كانت الملازمة دائمية ، وان كانت اتفاقية كان من التزاحم.
وبالجملة ، حديث الملازمة لا يقتضى أزيد
من عدم المخالفة بين حكمي المتلازمين ، واما التوافق ، فلا ، بل يمكن ان لايكون
أحد المتلازمين محكوما بحكم ملازمه أصلا هذا.
ولكن يمكن
ان يقال : في الضدين الذين لا ثالث لهما ، كالحركة والسكون ، والاجتماع والافتراق
( بناء على أن يكون السكون والافتراق وجوديين ) ان الامر بأحد الضدين يلازم الامر
بعدم ضده الاخر ، فان الحركة وان لم تكن مفهوما عين عدم السكون ، ولا الاجتماع عين
عدم الافتراق مفهوما ، الا انه خارجا يكون عدم السكون عبارة عن الحركة ، وعدم
الافتراق عبارة عن الاجتماع بحسب المتعارف العرفي ، وان كان بحسب العقل ليس كذلك ،
لوضوح انه عقلا لايكون عدم السكون عين الحركة ، بل يلازمها ، فان العدم لا يتحد مع
الوجود خارجا ولايكون هو هو مفهوما وعينا ، ولكن بحسب المتعارف العرفي يكون الحركة
عبارة عن عدم السكون ، ويكون الامر بأحدهما أمرا بالآخر ، بحيث لا يرى العرف فرقا
بين ان يقول ـ تحرك ـ وبين ان يقول ـ لا تسكن ـ ويكون مفاد إحدى العبارتين عين
مفاد الأخرى ، فيكون حكم الضدين الذين لا ثالث لهما حكم النقيضين ، من حيث إن
الامر بأحدهما امر بعدم الآخر ، وان كان في النقيضين أوضح من جهة ان عدم العدم في
النقيضين هو عين الوجود خارجا ، وليس الامر في الضدين كذلك ، الا ان العرف لا يرى
فرقا بينهما ، والاحكام انما تكون منزلة على ما هو المتعارف العرفي ، فدعوى ان
الامر بالشيء يقتضى النهى عن ضده الخاص فيما لا ثالث لهما ليس بكل البعيد ، واما
فيما كان لهما ثالث فالامر بأحد الأضداد لا عقلا يلازم النهى عن الأضداد الاخر ولا
عرفا ، إذ لايكون صل بمعنى لا تبع مثلا ولا بمعنى لا تأكل حتى عند العرف.
وتوهم
انه وان لم يقتض النهى عن كل واحد من الأضداد الوجودية بخصوصه عرفا ، الا انه
يقتضى النهى عن الجامع بين أضداده الوجودية ، فان الضد المأمور به مع ذلك الجامع
يرجع إلى الضدين الذين لا ثالث لهما ، فيكون ذلك الجامع