يكون دليل التوقيت
متصلا أو منفصلا كما عرفت ، ولكن بعد قيام الدليل على القضاء يمكن ان يستظهر منه
أحد الوجوه الثلاثة ، فإنه لا مانع من كل منها ثبوتا.
ولكن الانصاف : انه لا سبيل إلى أحد
الوجهين الأولين ، لان الظاهر من قوله عليهالسلام[١] ( اقض ما
فات ) هو ان الواجب في خارج الوقت امر آخر مغاير لما وجب أولا ، وان ما وجب أولا
قد فات ، وان هذا الواجب هو قضاء ذلك.
وبالجملة دلالة
لفظة القضاء والفوت على أنه لم يكن التوقيت من قبيل تعدد المطلوب ولا من قبيل
القيدية المقصورة بحال التمكن ، مما لا تخفى ، لأنه لو كان على أحد الوجهين لا
يستقيم التعبير بالفوت ، إذ بناء عليهما لم يتحقق فوت ، بل كان ذلك الواجب هو
بعينه باق ، فيظهر منه ان الواجب في خارج الوقت امر آخر مغاير لما وجب أولا ومعنون
بعنوان آخر. ويدل على ذلك أيضا انه ربما يتحقق الفعل زمانا بين وجوب الأداء ووجوب
القضاء ، كما إذا لم يبق من الوقت مقدار ركعة ولم يتحقق الغروب بعد ، فإنه لم يكن
مكلفا في هذا المقدار من الزمان إلى أن يتحقق الغروب لا بالأداء ولا بالقضاء ، فيظهر
منه ان المكلف به في خارج الوقت مغاير لما كلف به أولا ، فتأمل.
(
الجهة الثالثة )
بعد ما ثبت ان القضاء انما يكون بأمر
جديد ، ويكون الواجب في خارج الوقت مغايرا لما وجب في الوقت ، فيقع البحث ح عن
موضوع ما يجب في خارج الوقت وانه هل يمكن احراز موضوعه باستصحاب عدم الفعل في
الوقت؟ وبعبارة أخرى : الفوت الذي اخذ موضوعا في دليل القضاء هل هو عبارة عن عدم
الفعل في الوقت؟ حتى يجرى استصحاب عدم الفعل في الوقت ويحرز به الفوت ، أو ان
الفوت ليس عبارة عن عدم الفعل ، بل هو ملازم لذلك ، فالاستصحاب لا ينفع
[١] راجع الوسائل ، الجزء
٥ الباب ٦ من أبواب قضاء الصلاة الحديث ١ ص ٣٥٩ وفي متن الخبر « يقضى ما فاته كما
فاته »