فهي غنية عن البيان ، إذ غايته هي
القدرة على استنباط الأحكام الشرعية عن مداركها.
بقى
الكلام في بيان موضوعه
وقد اشتهر ان موضوع كل علم ما يبحث فيه
عن عوارضه الذاتية ، وقد أطالوا الكلام في البحث عن العوارض الذاتية والفارق بينها
وبين العوارض الغريبة ، وربما كتب بعض في ذلك ما يقرب من الف بيت أو أكثر.
وقد يفسر العرض الذاتي بما يعرض الشيء
لذاته ، أي بلا واسطة في العروض وان كان هناك واسطة في الثبوت. والمراد من الواسطة
في العروض ، هو ما كان العرض أولا وبالذات يعرض نفس الواسطة ويحمل عليها ، وثانيا
وبالعرض يعرض لذي الواسطة ويحمل عليه ، كحركة الجالس في السفينة ، فان الحركة أولا
وبالذات تعرض السفينة وتستند إليها ، وثانيا وبالعرض تعرض الجالس وتستند إليه
وتحمل عليه ، من قبيل الوصف بحال المتعلق.
وهذا بخلاف ما إذا لم يكن هناك واسطة في
العروض ، سواء لم يكن هناك واسطة أصلا ـ كادراك الكليات بالنسبة إلى الانسان ، فان
ادراك الكليات من لوازم ذات الانسان وهويته ، ويعرض على الانسان بلا توسيط شيء
أصلا ، وليس ادراك الكليات فصلا للانسان ، بل الفصل هو الصورة النوعية التي يكون
بها الانسان انسانا ، ومن لوازم ذلك ادراك الكليات ، الا انه لازم نفس الذات بلا
واسطة ـ أو كان هناك واسطة الا انها لم تكن واسطة في العروض ، بل كانت واسطة في
الثبوت ، سواء كانت تلك الواسطة منتزعة عن مقام الذات ، كالتعجب العارض للانسان
بواسطة ادراكه الكليات الذي هو منتزع عن مقام الذات ، حيث كان ذات الانسان يقتضى
الادراك كما عرفت ، أو كانت الواسطة أمرا خارجا عما يقتضيه الذات كالحرارة العارضة
للماء بواسطة مجاورة النار.
والسر في تفسير العرض الذاتي
بذلك ، أي بان لايكون هناك واسطة في العروض ، مع أن هذا خلاف ما قيل في معنى العرض
الذاتي : من أن العرض الذاتي