واما اعتبار العلو فلا ينبغي الاشكال
فيه ، بداهة ان الطلب من المساوي يكون التماسا ، ومن الداني يكون دعاء ، ولا يصدق
على ذلك أنه امر ، بل لا يبعد عدم صدق الامر على طلب العالي الغير المستعلى ، فان
ذلك بالارشاد والاستشفاع أشبه. كما يؤيد ذلك قوله صلىاللهعليهوآله [١] لا بل انا
شافع عند قول السائل : أتأمرني يا رسول الله صلىاللهعليهوآله .
(
الامر الثاني )
الوجوب والاستحباب خارجان عن مفاد الامر
بحسب وضعه ، وان كان اطلاقه يقتضى الوجوب على ما سيأتي بيانه انشاء الله تعالى ، الا
ان اقتضاء الاطلاق ذلك غير كونه مأخوذا فيه وضعا كما لا يخفى.
(
الامر الثالث )
قد ذكر لصيغة الامر معان عديدة
أيضا ، حتى نقل
ان بعضنا انها ها إلى أربعة وعشرين ، أو أكثر ، وعد منها : الطلب والتعجيز
والتهديد وغير ذلك.
وقد وقع البحث أيضا في أن ذلك على نحو
الاشتراك اللفظي أو المعنوي ، الا ان الانصاف انه لا وقع للبحث عن ذلك في الصيغة ،
وان كان له وقع في المادة ، بداهة ان صيغة الامر كصيغة الماضي والمضارع تشتمل على
مادة وهيئة ، وليس للمادة معنى سوى الحدث ، كما أنه ليس للهيئة معنى سوى الدلالة
على نسبة المادة إلى الفاعل. نعم تختلف كيفية انتساب المادة إلى الفاعل حسب اختلاف
الافعال ، ففي الفعل الماضي الهيئة انما تدل على النسبة التحققية ، وفي المضارع
تدل على النسبة التلبسية ، على ما مر ذلك مشروحا في مبحث المشتق.
واما فعل الامر ، فهيئته انما تدل على
النسبة الايقاعية ، من دون ان تكون الهيئة مستعملة في الطلب ، أو في التهديد ، أو
غير ذلك من المعاني المذكورة للهيئة ، لوضوح انه ليس معنى اضرب : اطلب ، ولا أهدد ،
ولا غير ذلك. بل الطلب ، و
[١] راجع سنن أبي
داود. الجزء الثاني. كتاب الطلاق ، باب « المملوكة تعتق وهي تحت حر أو عبد » ص ٢٧٠