في الشبهات البدوية و الصور المذكورة لا تفاوت بينها بحسبه و ان اختص
بعض منها بحكم آخر لدليل خارجي إذا عرفت هذا فنقول و باللَّه التوفيق الأقوى ان
مقتضى القاعدة في الشبهات المذكورة هو البراءة و عدم لزوم الاحتياط لنا على ذلك
حكم العقل بقبح العقاب من دون حجة و بيان و هذه قاعدة مسلمة عند العدلية و لا شبهه
لأحد فيها الا ان ما يمكن ان يكون رافعا لموضوعها بزعم الخصم أمور نتكلم فيها حتى
يتضح الحال إن شاء الله أحدها وجوب دفع الضرر المحتمل عقلا و هذه أيضا قاعدة عقلية
يجب العمل بها فإذا كان الفعل محتمل الحرمة يحتمل في إيجاده الضرر و كذا إذا كان
محتمل الوجوب يحتمل في تركه الضرر و العقل حاكم بوجوب دفع الضرر فيجب بحكم العقل
ترك الأول و إيجاد الثاني و بعد ثبوت هذا الحكم من العقل يرتفع موضوع تلك القاعدة
(و الجواب) ان الضرر المأخوذ في موضوع القاعدة الثانية ان كان الضرر الأخروي فلا
يكون محتملا حتى يجب دفعه لأن المفروض عدم البيان غير هذه القاعدة و هي لا تكون
بيانا الا على وجه دائر لأن جريانها يتوقف على الموضوع و الموضوع يتوقف على
جريانها و ان كان الضرر ما يكون لازما لفعل كل حرام و ترك كل واجب كما يقول به
العدلية فاحتماله و ان كان ملازما لاحتمال التكليف و لم يكن محتاجاً إلى البيان
الا ان حكم العقل بوجوب دفعه ليس الا لأجل الخوف من الوقوع فيه و لا يترتب على
مخالفته سوى الوقوع في المفسدة الذاتية على تقدير الثبوت و لا يكفي هذا الحكم في إثبات
العقاب من المولى لأن عقاب المولى لا يصح الا مع المخالفة و لا يتصور هنا مخالفه
الا على تقدير الالتزام بان إلقاء النّفس في المفسدة المحتملة من الأفعال القبيحة
عند العقل على أي حال سواء كان في الواقع مفسدة أم لا حتى يستكشف بقاعدة الملازمة