responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 38

لمعانيها (أقول) و لو قيل إنّ الغرض من وضع الألفاظ إفادة معانيها المفردة و إحضارها في ذهن السّامع من حيث كونها مرادة للمتلفّظ بها اندفع الدّور الأوّل كما لا يخفى و أمّا الدّور الثاني فلا يندفع بما ذكره بل بما ذكرنا أو بمنع ثبوت وضع للمركبات الإسنادية و لعلّه أراد ذلك و إن كان ظاهر قوله موضوعة خلافه بدليل تصريحه في موضع آخر بأن المركبات لا وضع لها (و أجاب) التفتازاني عن الدّور بأنّ الموقوف على الوضع هو فهم المعنى من اللّفظ و الموقوف عليه الوضع هو فهم المعنى في الجملة و هو و إن دفع الدّور لكن لا يخفى عدم فائدته في المقام لأنّ الغرض من وضع الألفاظ لا يجوز أن يكون فهم المعنى من اللّفظ أيضا بمعنى مجرّد الانتقال و التصوّر إذ لا يحصل به فائدة التعبير و غرض الكلام لأنّ الغرض منه هو الكشف عمّا في الضّمائر و مجرّد تصوّر المعنى من سماع اللّفظ مع قطع النّظر عن الحكم بإرادة اللاّفظ له لا طائل تحته فتمّ ما ذكره المحققون من استحالة كون الغرض مجرّد إفادة المعنى فإنه بين مستحيل ذاتا كما إذا كان الغرض إفادة المعنى مطلقا للزوم الدّور البين أو عرضا كما إذا كان الغرض إفادة العلم من اللّفظ لا مطلقا لكونه لغوا فيستحيل صدوره من الواضع الحكيم و ممّا ذكرنا ظهر أن ما ذكروه من الاستحالة في محلّه بعد كون مرادهم بالإفادة التصورية دون التصديقية أعني العلم بكونه مراد اللاّفظ و لعلّ ما ذكرنا في دفع الدّور هو الّذي أشاروا إليه من أنّ الغرض من الوضع التّركيب أي التعبير عما في الضّمائر بتأليف الألفاظ الموضوعة فافهم (ثمّ) إنّ الوضع في الحكمة البالغة يتّصف بالأحكام الثلاثة الوجوب و الامتناع و الجواز و الواجب هو الوضع للمعاني التي تشتد الحاجة إلى التعبير عنها و الممتنع هو الوضع لجزئيات المعاني على أن يكون كلّ جزئي حقيقي له لفظ مختصّ به و الجائز هو الوضع للمعاني الكلّية الّتي لا حاجة للإنسان إلى التعبير عنها إلاّ أحيانا و الدّليل على وجوب الأوّل أنّ المقتضي و هو المصلحة الدّاعية إلى الفعل موجود و المانع مفقود فيجب و إلاّ لزم البخل و قبائح آخر لا تخفي و الدّليل على امتناع الثّاني أنّ جزئيات المعاني المتخالفة و المتماثلة أمور غير متناهية لأنّ مراتب السّواد و البياض و جزئيات مراتب كلّ نوع من الرّوائح المختلفة و غيرها من جزئيات أجناس الموجودات أمور غير متناهية كمراتب الأعداد و الأسامي متناهية لتركبها عن أمور متناهية و هي الحروف و مقابلة المتناهي لغير المتناهي مستحيل و يظهر من الوجهين وجه إمكان الثالث و فيهما نظر أمّا في الأوّل فلأن الحكم بالوجوب يتوقف على العلم بعدم المانع مع العلم بالمقتضي و كلاهما ممنوعان أمّا وجود المقتضي فلأنّ المصلحة الّتي نراها إنما هي في وجود الوضع لا في وضع الواجب لإمكان أن يكون ذلك من وضع المخلوق مستقلاّ أو بتوفيق الخالق أو إعانته و مع جواز ذلك لا علم لوجود المقتضي لفعل الخالق و هذا لا ينافي القول بأن واضع الألفاظ هو اللّه لأنّ ذلك نقلي لا عقلي و أمّا وجود المانع فالعلم بعدمه موقوف على الإحاطة التامّة بوجوه الفعل و هو مستحيل للعقول البشرية و لو أريد بالوجوب ما يمتنع عدمه مقابل الامتناع فمع أنه خلاف ظاهر الدليل أوضح منعا كما لا يخفى و من أراد إثبات وجوب الوضع فعليه دعوى استقلال العقل بحسنه الملزم و هي كما ترى ثم إنّ هذا الاستدلال مبني على غير أصول الأشاعرة لأنّه من جزئيات التحسين و التقبيح العقليين و كذا مبني على عدم كون دلالة الألفاظ على المعاني ذاتية كما لا يخفى و أمّا الثاني فلمّا قيل من أنّ المركب من المتناهي نمنع كونه متناهيا مع أن امتناع مقابلة المتناهي لغير المتناهي ممنوعة و هذه أسماء العدد اثنا عشر مع عدم تناهي الأعداد و الأولى الاستدلال على الامتناع بأن الوضع للمعاني الجزئية فردا فردا عبث و لغو لأنّ في الوضع للكليات غنى عنه و كفاية فيستحيل صدوره من الحكيم إلاّ أن يقال احتمال كونه مصلحة من جهة أخرى غير تعبير المعاني يمنع عن الحكم بالعبثية كأكثر المصنوعات الّتي لا تبلغ العقول إلى مصلحة صنعها

بديعة [الكلام في تقسيات الوضع‌]

ينقسم الوضع بملاحظة سببه إلى تعييني و تعيني و بملاحظة عموم المعنى الملحوظ حال الوضع و خصوصه إلى عام مطلق و خاصّ كذلك أو عام من جهة و خاص من جهة أخرى و بملاحظة الموضوع إلى نوعي و شخصي فلتوضيح المقال في التقسيمات الثلاثة فنقول‌

أما القسمة الأولى [تقسيم الوضع إلى التعييني و التعيني‌]

فقد عرفت جملة من الكلام فيها و أن إطلاق الوضع على التعيين مبني على نحو من التجوز أو الاشتراك بحسب الاصطلاح لعدم الجامع بين التّخصيص و التخصّص إلا أن يراد بالوضع العلقة الحاصلة بين اللفظ و المعنى تسمية للشي‌ء باسم أحد أسبابه فيعمّ القسمين كما لا يخفى و كيف كان فالمراد بالأوّل اختصاص اللّفظ بالمعنى اختصاصا حاصلا من تخصيص مخصّص و بالثاني الاختصاص النّاشئ من كثرة الاستعمال و إنما يتحقق ذلك بالاستعمالات العادية عن القرائن المتّصلة فلو استعمل اللّفظ في المعنى المجازي أيّ مبلغ من الاستعمال و كان الاستعمالات كلّها أو جلها مع القرينة المتّصلة لم يحصل من مثله النقل إلى ذلك المعنى المجازي (و توضيح المقام) أنّ منشأ ظهور اللّفظ في غير ما وضع له إنما هو الظنّ الناشئ من الغلبة حيث إن السّامع إذا وجد كثرة استعمالات اللّفظ في غير معناه الحقيقي فيغلب على ظنه كون المشكوك فيه من تلك الاستعمالات و من الواضح أن اتحاد الملحق مع الملحوق به في الأمور الّتي يحتمل مدخليتها في الحكم فضلا عن الأمور الّتي علم بمدخليتها كالقرينة فيما نحن فيه شرط في حصول الظنّ من الغلبة فإذا فرض كون الاستعمالات المعلومة مقرونة بالقرائن فكيف يحصل الظن بإلحاق فاقدها بها و من يتوهم حصول الظّنّ من مثله فقد التمس الشي‌ء من فاقده و من ذلك بان ما في كلام بعض المحققين حيث جوّز مثل ذلك خلافا لأكثر الأعلام منهم سلطان المحققين و المحقق القمّي (رحمهما الله) و استظهر لما ذهب إليه بما إذا استعمل المتكلّم لفظا في معنى مجازي في مواضع مع القرينة فإنه يقرب ذلك المعنى المجازي إلى الذّهن بالبداهة حتّى فيما لم يكن هناك قرينة ثم يزداد القرب بزيادة الاستعمالات إلى حيث‌

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 38
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست