responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 29

و المراد بالأوّل كما أشرنا إليه ما كان واسطة في حمل شي‌ء على شي‌ء و بالثاني ما كان مؤثّرا في اتّصاف شي‌ء بوصف و عرض و النّسبة بين الواسطتين عموم من وجه بحسب المورد فقد يكون الشّي‌ء واسطة في العروض و الثبوت كالحيوان فإنّه واسطة في عروض التحرك للإنسان و ثبوت الحركة له و ميزانه أن يكون وجود الواسطة في الخارج عين وجود المعروض و قد يكون واسطة في الثبوت خاصّة كعلل لحوق الفصول بالأجناس و كالنّار في المثال المزبور و مداره على كون الواسطة مباينة في الصّدق و الوجود معا و قد يكون واسطة في العروض خاصّة كالمسطّح فإنّه واسطة في حمل الأبيض على الجسم و ليس واسطة في ثبوت البياض له لأنّ المتّصف بالبياض هو السّطح دون الجسم و المعيار فيه أن لا يكون وجود الواسطة في الخارج مغايرا لوجود المعروض كالأجزاء و الأعراض الخارجيّة و أمّا بحسب المصداق فالنّسبة تباين كلّي لأن الشي‌ء لا يكون واسطة في العروض إلا بعد ملاحظته لا بشرط بالمعنى المتقدّم فالحيوان مثلا لا يكون واسطة في عروض التحرك بالإرادة للإنسان إلا بعد ملاحظة لا بشرط و كذا السّطح بالنّسبة إلى الأبيض و أمّا الواسطة في الثّبوت فهي الشّي‌ء من غير هذه الملاحظة فالحيوان و لو مع ملاحظته بشرط لا بحيث يصدق عليه المادّة دون الجنس سبب و مؤثر في ثبوت الحركة بالإرادة للإنسان بل مقتضى دقيق النّظر اعتبار بشرط لا في واسطة الثبوت إذ مع ملاحظته لا بشرط يكون عين المثبت له و الشي‌ء لا يؤثر في صفات نفسه إلا في الصّفات الّتي هي من لوازم الذّات مثلا إذا لاحظنا الحيوان لا بشرط كان عين الإنسان الخارجي و الإنسان الخارجي ليس واسطة في ثبوت الحركة بالإرادة لنفسه و إنّما الواسطة في ذلك جزؤه الّذي هو الحيوان و و من الواضح أنّ الحيوان المحكوم بكونه جزء للإنسان ملحوظ فيه حيثية بشرط لا و هي حيثيّة التغاير و من هنا يظهر أنّ ما في عبارة بعض المحقّقين من أنّ الواسطة في الثبوت قد يكون مباينا مع المعروض مشعرا بكونه قد يكون صادقا عليه ليس في محيّزة و كيف ما كان فقد ظهر أنّ الواسطة في العروض لا يكون مباينا لأنّ المفروض عدم صحّة حمل العارض على الذّات ابتداء لعدم كونه من مقتضياتها فلو لم يكن الواسطة المحمولة عليها محمولا على الذّات بل شيئا مباينا معها فكيف يصحّ حمله بملاحظة ذلك الواسطة عليها كما ظهر أيضا أن الواسطة في الثّبوت إنّما يكون كذلك في لحاظ لا تحمل معها على المعروض و أمّا كون العارض لأمر مباين غريبا مطلقا أو إذا كان ذلك المباين مباينا في الوجود أيضا كالحركة الحاصلة لجالس السفينة بواسطة السّفينة لا ما إذا كان مساويا للذّات في الوجود كالسّطح بالنّسبة إلى الجسم فإنّه يكون حينئذ عرضا ذاتيا حسبما زعمه المفصّل فالتحقيق يقتضي خلافهما معا لأنّ المباين لا يكون إلاّ واسطة في الثبوت و وسائط الثّبوت كلها واسطة للأعراض الذاتية لأنّا لا نعني بالعرض الذّاتي ما كان العرض فيه من مقتضيات الذّات كما أوضحنا سابقا بل ما يكون محمولا على الذات حملا غير محتاج إلى الواسطة فالحرارة العارضة للماء أي لجسمه العنصري باعتبار تأثير النّار فيه على هذا التقدير عرض ذاتي لأنّه يصدق عليه حارّ من غير توسيط صدقه أوّلا لا على شي‌ء صادق على الماء إذا عرفت معنى العرض الذاتي و الغير الذاتي‌

[الكلام في الإشكالات الواردة على تحديد موضوعات العلوم‌]

(فاعلم) أنّ تحديد موضوعات العلوم بما يبحث عن عوارضه الذاتية لا يخلو عن الإشكال و المناقشة من وجوه يصعب دفعها و إن تصدى لدفع بعضها المحققون الأوّل أنّ العارض للجزء الأعم عرض ذاتي على ما صرّح به الكلّ أو الجلّ و ليس في شي‌ء من العلوم بحث عن جنس موضوعه بل إنّما يبحث عن جنسه في علم يكون موضوعه ذلك الجنس مثلا لا يبحث في علم يكون موضوعه الجسم الفلكي عن مطلق الجسم و كذا لا يبحث في علم يكون موضوعه الموجود من حيث كونه طبيعيّا أو رياضيّا أو كلاما أو فعلا عن جنس الموجود و إلاّ لاتحدت العلوم و اندرجت الكلّ تحت الحكمة الباحثة عن الأمور العامّة إلاّ أن يقال بأن الوجود عرض عام للماهيات المندرجة تحت الموجود و ليس بذاتيّ لها لكن الخطب في الذّاتيات الّتي هي أعمّ فإنّ البحث عنها في العلم الّذي موضوعه نوع من أنواعه غير معهود في شي‌ء من العلوم حتّى إنّ مسألة باحثة عن جنس موضوع علمها لا تكاد توجد في شي‌ء منها و هذا الإشكال و إن لم نجد له متعرّضا لكنّك خبير بورودها على من عدّ العارض للجزء الأعمّ من العارض الذّاتي و هم الأكثر نعم من جعلها من الأعراض الغريبة كبعض متأخّري المحقّقين ففي مندوحة عن ذلك و قد عرفت أنّ هذا الحسبان هوس بعيد عن الصّواب و عن كلمات الأساطين و يمكن ذبّه بأن العلم لا يجب أن يبحث عن جميع عوارض الموضوع الذاتية بل الواجب أن يكون مسائله عوارض ذاته فالّذي يبحث عنه في العلم عرض ذاتي لموضوع العلم لا أنّ الّذي هو عرض ذاتي للموضوع يجب أن يبحث فيه و فيه أنّه ينافي ما يقتضيه الجمع المضاف من العموم حيث ذكروا أنّ الموضوع ما يبحث عن عوارضه لا عن عارضه و الحاصل أنّ تعريف الموضوع بما يبحث عن جميع عوارضه الذاتية ثم تعريف الذاتي بما يشمل ما لا يبحث عنه في شي‌ء من العلوم يوجب عدم انطباق الحدّ المذكور للموضوع على شي‌ء من الموضوعات إلاّ أن يقال إنّ المراد بالجمع المضاف ما عدا العوارض الّتي يعرض الموضوع لجزئه الأعمّ و القرينة على ذلك كون الجزء الأعم لموضوع كلّ علم موضوعا لعلم آخر فوق ذلك العلم إلى أن ينتهي إلى الحكمة الإلهية فإنّ موضوعه أعمّ من موضوع كل علم فلا بد أن يبحث عن أحوال ذلك الجزء في ذلك العلم الأعلى و بذلك يستغنى عن البحث عنها في العلم الأدنى فصار حاصل الحدّ أن الموضوع ما يبحث عن عوارضه الذّاتية عدا ما يبحث عنه في العلم الأعلى الثّاني أن بعض العلوم لا يبحث فيه عمّا يعرض موضوعه لذاته أو لجزئه المساوي كالكلمة فإنّها موضوعة للعلوم الأدبية مع أنه لا يبحث فيها عن الكلمة بل عن أقسامها كالاسم و الفعل و الحرف و أصنافها

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست