responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 218

أخفض جناحا من الجميع و ربما يؤيّده ما في بعض الأدعية المأثورة من الاشتمال على لفظ الالتماس في مقام الإصرار على الدّعاء و لعلّ نظر القوم إلى ما يقتضيه الأوضاع اللّغوية لكنه منتقض بما ذكروه في لفظ الدّعاء لأنّ معناه اللّغوي غير مساعد لما ذكروه في تفسيره ثم إنّ بعض العارفين بالمحاورات جعل الشفاعة قسما رابعا نظرا إلى عدم انحصارها في الطّلب من الأعلى بل قد تكون من المساوي و قد تكون من الأدنى كما شفع النبي (صلى اللَّه عليه و آله) إلى بريرة في زوجها فقال راجعيه فقالت أ تأمرني يا رسول اللّه (صلى اللَّه عليه و آله) فقال إنما أنا شافع (قلت) و هذا جيّد لكنّك خبير بأن كون الشفاعة أعمّ من الثّلاثة لا يقتضي كونها أعمّ من الطّلب و إنّما يكون كذلك لو كان الطّلب مختصّا بأحدهما كالطّلب من الأدنى و ليس الأمر كذلك فلا تكون قسما رابعا و إلاّ لزم تسديس الأقسام بملاحظة الوجوب و الندب لأنّهما أيضا لا ينحصران في طلب الأعلى أو الأدنى أو المساوي و الأولى أن يقال إن الشفاعة عبارة عن كلّ طلب يرجع فائدته المقصودة إلى ثالث‌

بقي شي‌ء

و هو أن ظاهر قوله (صلى اللَّه عليه و آله) و إنّما أنا شافع كون الشفاعة قسما من النّدب الغير المشتمل على عدم المنع من الترك مع أنّ الظّاهر من إطلاقات الشافع و الشفيع و الشفاعة اشتمال طلب الطّالب على عدم الرّضاء بالترك و لذا يعبّر عن مسألته (صلى اللَّه عليه و آله) غفران ذنوب الأمّة بالشفاعة مع وضوح عدم رضائه (صلى اللَّه عليه و آله) بالعدم اللّهمّ إلاّ أن يحمل الشفاعة بقرينة المقابلة على الشفاعة المندوبة و يحتمل بعيدا أن يكون المراد بالأمر المسئول عنه أمر النّبي (صلى اللَّه عليه و آله) من قبل اللّه تعالى بناء على كون السّؤال مبنيّا على توهّم بريرة صدور الأمر بعنوان الرّسالة و أنّه من الأحكام المأمور بتبليغها إلى العباد فيرتفع الإشكال فتأمل‌

إذا تقرّر هذا فالحق عندي أن الصيغة حقيقة في الوجوب وفاقا لأكثر المحققين و ذهب جماعة من الأعلام إلى أنّها حقيقة لغة في القدر الجامع بينه و بين الندب و هو الطّلب المطلق لكنها إذا وجدت بلا قرينة حملت على الإلزام و عدم الرّضاء بالترك إمّا مطلقا كما هو رأي غير واحد من أفاضل متأخّري المتأخّرين أو في خصوص الكتاب و السّنة كما عليه العلاّمة (رحمه الله) في النهاية و صاحب الوافية و شارحها و حكي عن علم الهدى أنها مشتركة بينهما لفظا بحسب اللّغة و أمّا بحسب الشرع فهي حقيقة في الوجوب فقط و قال جماعة من العامة و الفقهاء و المتكلّمين على ما نقل عنهم أنّها حقيقة في الندب خاصة هذه ما ينبغي التعرض لها من الأقوال و أمّا ما عداها فهي آراء معجورة لا ينبغي الالتفات إليها مع عدم اتضاح مداركها (و اعلم) أنّ مرادنا بالوجوب هنا الإيجاب و نعني به الطّلب المتأكّد الكاشف عن عدم الرّضاء بالترك و قد يطلق الوجوب و يراد به صفة الفعل من المصلحة الباعثة على الإيجاب أو كون الفعل بحيث يستحق فاعله المدح و الثواب و تاركه اللّوم و العقاب و عليه اصطلاح القوم في الأصول و الفروع و هذه الإطلاقات كلّها خارجة عن حاق المعنى اللّغوي مبنية على بعض التقريبات الواضحة للمتأمل بالقياس إلى اللّزوم الّذي هو بعض معانيه لغة و دلالة الصّيغة على الأخيرين تتوقف على مقدّمات أخرى خارجة عن حاق المدلول مثل كون الطّالب حكيما مطاعا يجب صدور أوامره عن المصلحة عقلا و شرعا فمع انتفاء المقدّمات يكون المدلول هو صرف الطّلب الأكيد فلا يدلّ عليه بأحد المعنيين كما أنّه لا يدلّ على الأوّل بانتفاء المقدّمة الأخيرة و لذا فصّل جماعة بين الإيجاب و الوجوب فأثبتوا الدّلالة في الأوّل دون الثاني و كأنهم أرادوا ما ذكرنا و أمّا ما في المنية من ابتنائه على أصل المعتزلة فلم يظهر له وجه لأنّ النزاع إن كان في خصوص أوامر الشارع فالتفكيك بين الإيجاب و الوجوب بمعنى المصلحة بناء على أصلهم غير معقول و إنما يتعقل على مذهب النافين لإناطة الأحكام الشرعية بالمصالح و هم الأشاعرة و إن كان في مدلول نفس الصّيغة مع قطع النظر عن المتكلّم كما استظهرناه فالتفصيل متّجه على جميع الأصول و المذاهب هذا و ربما يفسر الإيجاب بالإلزام و هو أيضا غير سديد لتوقف دلالتها عليه أيضا على مقدّمة خارجة و هي كون المتكلّم جديرا بإلزام المأمور على الفعل المأمور به‌

[الكلام في بيان الأدلة على المذهب المختار]

لنا على ما اخترناه ضروب من الأدلّة

أحدها [1- التبادر]

و هو العمدة التبادر لأنا لو جرّدنا النّظر عن جميع قرائن الحال و المقال كما إذا سمعنا صيغة افعل من وراء الجدار سبق أذهاننا إلى أنّ اللاّفظ يريد ذلك الفعل و لا يرضى بتركه و هكذا لو وجدنا توقيعا يأمر فيه إنسان إنسانا و نحن لا ندري ما بينهما لم نعقل منه إلا أنّه غير راض بترك المأمور به و أن نفسه لا تطيب إلاّ به كما نعقل أنّه طالب لا مبيح و لا حاضر و لا مهدّد و لا غير ذلك ممّا كثر أو قلّ استعمال الصّيغة فيه من المعاني المشار إليها و ربما يقرر التبادر بأنّ السيّد إذا قال لعبده افعل مجرّدا عن القرينة فخالفه عدّ عاصيا و ذمّه العقلاء و ذلك آية الوجوب و ليس بجيّد لأنّ الكلام ليس في أوامر الموالي إلى العبيد بل في نفس الصّيغة مع قطع النظر عن الآمر مع أنّ أوامر الموالي العرفية إلى العبيد كلاّ أو جلاّ صادرة عن أغراض لازمة و ليس فيها ما يكون لمجرّد النّدب و التنزيه كما في الأوامر الشرعية فالأولى تقرير التبادر فيما إذا جهل حال اللاّفظ بل لو مثل بأنّ الأدنى أو المساوي إذا قال لغيره افعل فهم منه الإرادة التامّة مع عدم الرّضاء بالترك لكان أمثل هذا و قد أورد في المقام على ما ادّعينا من التبادر بوجوه (أحدها) أنّه لو تبادر منه الوجوب لزم انتقال الذهن من الصّيغة إلى المنع من الترك و ليس كذلك إذ قد لا يخطر بالبال الترك فضلا عن المنع عنه و فيه بعد النقض بلفظ الوجوب لأنا نجد من أذهاننا كثيرا عدم الالتفات إلى المنع‌

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست