responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 212

مختصّة بالأمر (و ثانيهما) أنّها على تقدير دلالتها على الرّجحان فهل هي موضوعة للوجوب أم لا و المقصود من العبارة المذكورة هو النزاع الأوّل و من التكلّم في صيغة افعل هو النزاع الثاني و إن كان النزاع هذا مغنيا عن الأوّل كما لا يخفى و كيف كان ففي المسألة أقوال متكثرة استقصاها بعض أهل التتبع إلى ثمانية و عشرين و لا طائل في إطالة الكلام بذكرها لأنّ جملة منها واهية شاذة غير واضحة المستند و نحن نقتصر على ما هو المشهور من تلك الأقوال الّتي علمنا بمداركها

و نذكر قبل الخوض في المرام أمورا

لتوضيح المقام اقتضاء في جملة منها لأثر الأعلام‌

الأوّل [الكلام في ذكر المعاني المستعملة فيها صيغة افعل‌]

أن صيغة افعل قد جاءت مستعملة في معان عديدة

منها الوجوب‌

و منها النّدب‌

و موارد الاستعمال فيهما أكثر من أن تحصى لغة و عرفا و شرعا

و منها الإرشاد

و هذا الاستعمال أيضا كثير في الكتاب و السّنة و منه الأوامر الواردة في الإطاعة كأطيعوا اللّه و أطيعوا الرّسول و ليحذر الّذين يخالفون عن أمره بناء على كون مادة الأمر موضوعة لخصوص الوجوب فافهم و جعلوا من أمثلته قوله تعالى‌ وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ‌ و أَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ‌ و منه أيضا جميع ما تعلّق بأجزاء غير الواجبات و المستحبات أو شرائطها من المعاملات بالمعنى الأعمّ و أكثر ما ورد في المواعظ من الأوامر خصوصا ما تعقب منها بذكر مخازي الآخرة و عقوباتها لخصوص بعض المعاصي أو عمومها و جميع ما يجري في لسان الوعّاظ على المنابر من التّرغيب و التحريص إلى مرضاة اللّه كقولهم أيّها النّاس أقيموا الصّلاة و آتوا الزكاة و واظبوا على الطّاعات و اجتنبوا عن المعاصي و أمّا ما يجري في لسان المفتي فالحال فيه كالحال في الأوامر الواردة من الشّرع في بيان الأحكام و ممّا ذكرنا يظهر فساد ما ذكر في المقام من الفرق بين الأمر الإرشادي و النّدبي بأنّ الإرشادي ما كان المصلحة فيه دنيويّة كما في الأمر بالإشهاد في الآيتين و الندبي ما كان المرجّحات فيه لأجل مصلحة أخروية (أمّا أوّلا) فلأنّ ظاهر هذا الكلام خصوصا مع ملاحظة وقوعه بعد ذكر المعاني الثلاثة عدم اشتمال الأمر الإرشادي على الإلزام و التحتيم رأسا فيتفارقان فيما يفترق به الوجوب عن الندب و فساده واضح لأنّ الأمر الإرشادي أيضا ينقسم بملاحظة المصلحة الدّاعية إلى الإرشاد إلى الإلزام أو الندب بل الظّاهر أنّ مغايرة الأمر الإرشادي لغيره إنّما هي باعتبار المصلحة الدّاعية إليه لا في أصل المستعمل فيه بأن يكون المستعمل فيه في الأمر الإرشادي مغايرا لما استعمل فيه الأمر الوجوبي أو النّدبي حتى يلزم المجاز أو الاشتراك على تقدير كونه حقيقة في الوجوب و النّدب كما نوضحه إن شاء الله تعالى فاللاّزم حينئذ إبداء الفرق بين الإرشاد و غيره لا بينه و بين خصوص النّدب (و أمّا ثانيا) فلأن ما ذكر من الفرق بينهما غير منعكس لأنّ ما أشرنا إليه من الأمثلة كلّها متعلّقة بالمصالح الأخرويّة مع أنّها أوامر إرشاديّة و لا مطّرد لأن ما يصدر من الموالي إلى العبيد كلاّ أو جلاّ ناشئة من الأغراض الدنيويّة الراجعة إليهم مع أنّها أوامر مولوية و ليس فيها إرشاد للعبد إلى ما يتعلّق به من النفع أو الضّرر و لو خصّ الفرق المزبور بالأوامر الشرعية كان النقض أيضا بحاله لأنّ كثيرا من التكاليف الشرعيّة مصالحها عائدة إلى المكلّفين في الدنيا خصوصا المستحبات و الآداب منها تحريم تعريض النفس للمهالك و المضار إذ الظّاهر أنّ حرمة تناول المضرّ مصلحتها السّلامة و النجاة الدّنيويان و إن ترتب بعد تعلّق النّهي على مخالفة الهلاك الأخروي أيضا

[الكلام في الفرق بين الأمر الإرشادي و المولوي‌]

(فالتّحقيق) في الفرق بين الأمر الإرشادي و غيره وفاقا لبعض أهل النّظر في وجه أن يقال إن الأمر الإرشادي ما كان المصلحة الدّاعية إليه موجودة في نفس المأمور به مع قطع النظر عن الأمر و لا يترتب على مخالفته و موافقته شي‌ء أزيد ممّا كان يترتب عليه قبل الأمر نظير أوامر الطّبيب للمرضى بتناول ما فيه إصلاح لمزاج المريض و هذا قد يكون جاريا مجرى التّأكيد كما إذا تعلّق بما يعلم المخاطب المصلحة الموجودة فيه مثل ما إذا قلت لمن يمتنع عن شرب الدّواء مع علمه بالمصلحة الملزمة اشرب ذلك و لا تعرض نفسك للهلاك و من هذا الباب أوامر الوعّاظ فإنّ وظيفتهم تخويف العباد عمّا عهدوه من المفاسد الأخروية أو تحريصهم على ما علموه من المصالح الشرعيّة و قوله تعالى‌ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ* فإنّ مصلحة الإطاعة معلومة للعباد قبل تعلّق الأمر بها و لو على مذهب الأشعري من انحصار الحسن و القبح في الجعل الشّرعي فيكون الأمر بها للإرشاد و النصح المحض كما في المثال المفروض و إن كان بينهما فرق و هو أن الأمر في المثال إذا صدر من العالي أمكن أن يكون مولويّا منشأ لاستحقاق الثواب و العقاب زيادة على المفسدة المترتبة على ترك الفعل كما في أمر الشارع بالاجتناب عن تناول المضرّ بخلاف أوامر الإطاعة فإن كونه شرعيّا تكليفيّا منشأ لترتّب الثواب و العقاب مستحيل عقلا لأنّ الثواب و العقاب إنّما يترتبان على نفس الإطاعة في التكاليف و أمّا إطاعة الأمر بالإطاعة في الكتاب العزيز فليس ممّا يترتب على موافقته أو مخالفته ثواب أو عقاب و إلاّ لزم أن يكون الممتثل لبعض التكاليف كالصّلاة مثلا ممتثلا لأوامر غير متناهية مترتبة لأنّ الأمر المتعلّق بامتثال الأمر بالإطاعة أيضا يستدعي إطاعة أخرى و امتثالا آخر فيتسلسل و دعوى أنّ الأمر بالإطاعة لا يشمل نفسه فليس وراء الأمر بالإطاعة أمر آخر متعلّق بإطاعة ذلك الأمر مدفوعة بأن الأمر بالطّاعة و إن كان قاصرا عن شمول نفسه لفظا لكنه غير قاصر عن ذلك لبّا بملاحظة المناط و الإرشاد على هذا الوجه ليس واجبا في نفسه إلا بعد اندراجه تحت شي‌ء آخر كالأمر بالمعروف و نحوه و قد تكون المصلحة الدّاعية إليه شيئا مخفيّا على المخاطب كأوامر الطّبيب و حينئذ فيصير واجبا في نفسه لأنّ وجوب إرشاد الجاهل مضافا إلى وجوبه المقدّمي يمكن دعوى‌

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست