responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 204

كما مرّ الطّلب المقرون بعدم الرّضى إن صدر من العالي سمّي أمرا و إن صدر من الدّاني سمّي التماسا و سئولا و إن صدر من المساوي سمي دعاء فالأقسام المزبورة أقسام الطّلب بملاحظة أحوال الطّالبين لا بملاحظة حال الطّلب أو بملاحظة مقام صدوره هذا و لكن ظاهر جملة من العبارات يقتضي الفرق بينهما على الوجه الأوّل أعني من حيث اشتمال الأمر على الإلزام دون الالتماس و الدّعاء و ليس بشي‌ء و المعتمد هو الأول (و حاصله) أن الفرق بين الأمر و الالتماس إنّما هو بملاحظة حال الأمر لا حال الطّلب فإن كان الطّالب الغير الرّاضي بالترك عاليا كان الطّلب حينئذ أمرا و إن كان دانيا كان دعاء و أمّا الشفاعة فجعلها بعض أهل النظر قسما ثالثا و عندي أن الفرق بينها إذا صدرت من العالي لا مطلقا و بين السّؤال عكس الفرق بين العالي و المستعلي بمعنى أن السّؤال أن يكون الطّالب دانيا في الواقع و الشفاعة هي أن يكون دانيا جعليّا فالعالي إذا خضع و نزّل نفسه منزلة الأدنى عدّ شفيعا و سيأتي فرق آخر بين الشفاعة و غيره فتلّخص ممّا ذكرنا أنّ كلّ طلب يستقبح مخالفته شرعا أو عقلا أو عرفا فهو أمر و حيث إنّ الاستقباح موجود في طلب العالي مطلقا مع عدم الرضى بالتّرك سقط اعتبار الاستعلاء و كلّ طلب لا يستقبح مخالفته فهو ليس بأمر و حيث إن الاستقباح منحصر في طلب العالي سقط الاكتفاء بالاستعلاء و ممّا ذكرنا ظهر حجج الأقوال الباقية و أجوبتها

بقي شي‌ء

و هو أن العلاّمة (رحمه الله) في النهاية بعد الفراغ عن البحث في مادّة الأمر بحث عن الصّيغة و جعل من جملة ما بحث فيها مسألة اعتبار الرتبة في القائل و هذا ربّما يوهم أو يدلّ على أنّ الرتبة على القول بها معتبرة في مدلول الصّيغة الّتي هي مصداق للمادّة و صرّح بعض المحققين بخلافه حيث قال إنّ العلو أو الاستعلاء إنما يعتبران في مفهوم الأمر لا في مصداقه أراد أن الصّيغة لا دلالة لها على شي‌ء من الأمرين و إنّما يدل عليهما لفظ الأمر بمفهومه و لعلّ هذا هو الأقرب فلا بدّ من حمل كلام العلاّمة على ذلك و هذا نظير لفظ الصّدق و الكذب فإنه يعتبر في مفهومهما مطابقة الواقع أو عدمها و لا يعتبر في مصداقهما شي‌ء من الأمرين فلا الكلام الصّادق يدلّ على المطابقة و لا الكاذب يدلّ على المخالفة و ما قيل إن الصّدق هو مدلول الكلام و إنّما المخالفة للواقع احتمال يبديه العقل كلام ظاهريّ ساقط في النظر الصحيح لا يقال مخالفة المفهوم للمصداق أمر غير معقول فكيف يعتبر في مفهوم اللّفظ شي‌ء و لا يعتبر ذلك في مصاديق ذلك المفهوم لأنّا نقول تسمية نفس القول مصداقا للأمر مسامحة و المراد كون القول المخصوص مصداقا له محال كونه صادرا من العالي أو المستعلي على أن يكون التقييد داخلا و القيد خارجا و هكذا الكلام في الصّدق و الكذب فإنّهما موضوعان للخبر من حيث مطابقة أو مخالفة للواقع فنفس الخبر مع قطع النظر عن الحيثية المزبورة ليس مصداقا للصدق أو الكذب و اللّه الهادي‌

الأمر الثّاني [الكلام في أن مادة (الأمر) دالة على الوجوب أم لا]

من الأمور المختلف فيها الوجوب فذهب جماعة من الأعلام إلى أنّه لا بدّ في صدق الأمر زيادة على كون الطّالب عاليا أو مستعليا أن يكون الطّلب الصّادر منه على وجه الإلزام و الحتم بل في شرح الزّبدة أن عليه الجمهور و أكثر الأصوليين من أصحابنا و يشهد له ما تيسّر لي من التتبّع فإنّي لم أجد من الأصحاب من صرّح بأنّ الأمر موضوع لمطلق الطّلب الصّادر من العالي أو المستعلي بالقول نعم ظاهر تعاريفهم للأمر بمعنى القول بالطّلب يقضي بذلك و لعلّه الوجه في نسبة صاحب المحصول إلى أكثر الأصوليين القول بعدم دلالة الأمر على الوجوب و يحتمل أن يكون مراده بالأصوليين غير أصحابنا فيرتفع التنافي بين ما في المحصول و ما في شرح الزّبدة إذ لا منافات بين ذهاب أكثر أصحابنا إلى الأوّل و ذهاب أكثر الأصوليين مطلقا إلى الثاني و يؤيّده أن القول الثاني هو مذهب الحاجبي و العضدي حيث صرحا بأن المندوب مأمور به بل نسبه العضدي إلى أكثر المحققين و كيف كان فالأظهر عندي هو القول الأول وفاقا لجملة من أعاظم المتأخرين (لنا على ذلك) بعد التبادر و صحّة السّلب عن المندوب بغير صيغة افعل تتبع موارد هذه الكلمة في الاستعمالات الدائرة كقوله (صلى اللَّه عليه و آله) لو لا أن أشق على أمّتي لأمرتهم بالسّواك و قول بريرة حين شفع في مراجعته من كانت تحته بعد عتقها أ تأمرني يا رسول اللّه (صلى اللَّه عليه و آله) إنما أنا شافع و قول الصّحابة حين أمروا يوم غدير خمّ أن يسلّموا على علي (عليه السلام) بإمرة المؤمنين أمر من اللَّه و رسوله و قول الصّادق (عليه السلام) لهشام حين استخبره عمّا صنع بعمرو بن عبيد فاعتذر بأن أجلّك و أستحييك و لا يعمل لساني بين يديك و نعم ما اعتذر (رضوان اللَّه عليه) إذا أمرتكم بشي‌ء فافعلوا حيث عبّر عن إرادته الحتمية بلفظ الأمر و لو بمساعدة ظهور صيغة فافعلوا في الإيجاب و أدلّ من ذلك كلّه تعليق التهديد و المذمّة على مخالفة مطلق الأمر في قوله تعالى‌ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ‌ و قوله تعالى‌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ‌ و قوله‌ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ‌ (و من هنا) ذكر بعض أن لفظ الأمر لو لم يكن أدلّ على الإيجاب من الصّيغة فليس بأقلّ و استعماله في المندوب ليس أكثر من استعمال الصّيغة فيه و لذا أورد بعض أهل النظر في إبطال الاستدلال بها على كون الصّيغة للوجوب بأن فيه دورا لتوقف الاستدلال بها على صدق الأمر على الصّيغة المطلقة المجرّدة و هو يتوقف على إثبات كون الصّيغة للوجوب فجعل اعتبار الوجوب في مدلول‌

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 204
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست