عينا، لنظم أمر المعاد و المعاش- هذه الشبهة واردة فيها: بأنّه إن لم يحتج إلى مهارة و خبرة و اطّلاع على ما تبتني عليه و تتوقّف عليه [1] فباطل بالبديهة، و لا يتحقّق نظم المعاد و المعاش، بل به يصير الفساد أزيد بلا شبهة. و معلوم أنّ علم الفقه أيضا من جملة تلك العلوم واجب عينا أو كفاية لنظم المعاد و المعاش، بل أشدّ مدخليّة فيه بمراتب شتّى، بل جميع تلك العلوم و الصنائع من شعبات الفقه و مسائله: أرى فسادها من فساد الفقه، كما مرّ في أوّل الفوائد.
و مع ذلك انّ جميع ما هو علم أو صنعة أو حرفة باقية على حالها من القول بلزوم المهارة و الخبرة، و الاطّلاع على ما تتوقّف عليه، أو عسى أن تتوقّف عليه. و كذا مراعاة الأساتيذ و احترامهم، و قبول قولهم، و كون الحقّ معهم، لأنّ الأساتيذ و أهل الخبرة و المهارة يسمعون فيها البتّة، و إن كان في نظر التلامذة أنّ ما قالوا ليس كذلك، إلاّ أنّهم يقولون: إنّهم أساتيذ هذا الفنّ، فالخطأ منّا، و من هذه يسمعون قولهم و يطيعونهم و يخدمونهم إلى أن يبلغوا مرتبة الأستاذيّة، و مع ذلك أستاذهم أسنادهم ما داموا في الحياة، و مع ذلك يعظّمونهم غاية التّعظيم، و إذا وقع كسر في خطّهم، أو غيره من صنائعهم لا يجبرونه، و يجعلون التصرّف في صنعهم، و إن كان خبيرا لكسرها دليلا على سلب التوفيق، و سوء الأدب، و موجبا لنكال شديد، من حيث كونهم أساتيذ، مع كون العلماء و الأساتيذ في الغالب كفّارا أو ضلاّلا أو فسّاقا، بل ربّما كان كفرهم أشدّ كفر، و فسقهم أعظم فسق، يعظّمونه من حيث الأستاذيّة، و يقبلون