و مهما يكن من أمر فقد اتّسعت دائرة هذا الصراع، و اكتسب عمقا أكثر ممّا يستحقّ، و كاد أن يكون له دور سلبي في نموّ و تكامل هذا العلم الشريف الّذي لا بدّ منه في الاجتهاد.
و شاء اللّه أن يحتدم هذا الصراع الفكري في كربلاء بين اثنين من أبرز فقهاء هاتين المدرستين، و أكثرهما عمقا و إنصافا و دينا و ورعا و هما صاحب الحدائق (رحمه اللّه) و الوحيد البهبهاني (رحمه اللّه).
و لنقرأ قصّة هذا الصراع في كربلاء.
الصراع بين المدرستين في كربلاء:
انتقل الشيخ يوسف صاحب الحدائق (رحمه اللّه) إلى كربلاء، و ازدهرت به هذه الحاضرة العلميّة و انتعشت المدرسة الأخباريّة، و كانت هي الاتّجاه السائد للاجتهاد في هذه المدينة المقدّسة يوم ذاك، و كانت الدروس و التحقيقات العلميّة تجري على هذا المنوال.
الصراع الفكري بين الوحيد و صاحب الحدائق في كربلاء:
كان الوحيد البهبهاني (المتوفّى سنة 1206 ه) [1] يوم ذاك في مدينة بهبهان، تعز له هذه المدينة المنزوية عن المشاركة الفعّالة في الصراع الدائر بين هاتين المدرستين، و كان يشعر بفداحة الخسارة لو أنّ الفكر الأصولي انزوى عن الساحة، و فقد دوره في إدارة الاجتهاد و الاستنباط ... فهاجر إلى كربلاء، و انتقل إلى هذا الجوّ العلمي الحافل بالصراع و الأخذ و الردّ، و حضر