الجزئيّ، إذا لم يعتقد بإسناده، و لم يسلّم بأمره و قوله، و يستبدّ برأيه لا يحصل له ذلك الجزئي أبدا، و يكون في مرتبة قصوره باقيا دائما. هذا حال الطلبة، و أمّا المجتهد فهو أيضا لا بدّ من أن لا يستبدّ برأيه بمجرّد أوّل نظرة، بل يتردّد، و يتأمّل.
الخامس: أن لا يكون له حدّة ذهن زائدة، بحيث لا يقف و لا يجزم بشيء مثل أصحاب الجربزة [1].
السّادس: أن لا يكون بليدا لا يتفطّن بالمشكلات و الدّقائق، و يقبل كلّما يسمع، و يميل مع كلّ قائل، بل لا بدّ فيه من حذاقة و فطنة، يعرف الحقّ من الباطل، و يردّ الفروع إلى الأصول، و يدري في كلّ فرع يوجد و يبتلى به أنّه من أيّ أصل يؤخذ و يجري مسائل أصول الفقه في الآيات و الأخبار و غيرهما، و يدري موضع الجريان و قدره و كيفيّته.
السّابع: أن لا يكون مدّة عمره متوغّلا في الكلام، أو الرّياضي، أو النّحو، أو غير ذلك ممّا هو طريقته غير طريقة الفقه، ثمّ يشرع بعد ذلك في
[1] الجربز و القربز معربان عن (كربز) الفارسية كما في القاموس و شرحه و هما بمعنى واحد هو: الخبّ- ضد الغرّ- و هو الخدّاع المفسد- لسان العرب مادة: جربز و خبب- هذا أصل الجربزة في اللغة، و لكن لها في اصطلاح علماء الأخلاق معنى آخر- له صلة بالمعنى اللغوي- و هو: صفة من رذائل القوة العاقلة في جانب الإفراط موجبة لخروج الذهن عن الاستقامة و الاستقرار على شيء، بل لا يزال يستخرج أمورا دقيقة غير مطابقة للواقع، و يتجاوز عن الحق، و لا يستقر عليه، و ربما أدّى في العقليات إلى الإلحاد و فساد الاعتقاد بل إلى نفي حقائق الأشياء كما في السوفسطائية و في الشرعيات إلى الوسواس. (جامع السعادات للنراقي (رحمه اللّه) ج 1 ص 100، بتصرف).