الفائدة التّاسعة و العشرون [التعدّي عن مورد النصّ في الفقه]
قد عرفت: أنّه لا بدّ للمجتهد من مراعاة العلوم اللّغويّة، و العرف العام و الخاصّ، و أنّه لا يجوز التعدّي عن مدلول النّصوص أصلا و رأسا، و لا مخالفته مطلقا، و أنّ من تعدّى أو خالف بقدر ذرّة، أو عشر معشار رأس شعرة يكون حاكما بغير ما أنزل اللّه، و مفتريا على اللّه تعالى و متعدّيا حدود اللّه و عاملا بالقياس، هالكا و مهلكا للنّاس، مبتدعا بدعا كثيرة في الدّين، و مضيّعا سنّة خير المرسلين، إلى غير ذلك ممّا أشرنا إليه في «الفائدة الأولى» و «الثانية».
لكن مع ذلك ترى أنّه من أوّل الفقه إلى آخره في كلّ نصّ يقع التعدّي و المخالفة بلا شبهة، بل لا يجوز عدم التعدّي، و لو لم نتعدّ لحكمنا بغير ما أنزل اللّه و افترينا على اللّه و شرّعنا في الدّين إلى غير ذلك.