responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية نویسنده : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 317

فيستحق فاعل الأمر الذي حسنه الشارع أو قبحه المدح أو الذّم في حكم العقل فإنّ هذا في الحقيقة قول بالتحسين و التقبيح العقليّين و لو باعتبار جهة خاصّة هي جهة تحسين الشارع و تقبيحه بل بمعنى أنه لا حكم للعقل بهما في الأفعال أصلا لا مع ملاحظة حكم الشارع بهما و لا بدونه و إنّما الثابت مجرّد حكم الشارع بهما و قول بعضهم بأنّ العدلية أو المعتزلة ينكرون كون الشارع حاكما و يجعلون أوامر الشرع و نواهيه كاشفة عن الأحكام العقلية فالظاهر أنه وهم في معرفة مقصودهم أو مبنيّ على توهّم من لا يعتدّ به منهم لأنّ إيجابه تعالى لبعض الأفعال و تحريمه لبعضها و كذلك تشريعه لبقية الأحكام من واضحات الشريعة بل ضروريّاتها الجلية المصرّح بها في الكتاب و السّنة في مواضع عديدة فكيف يتأتى من أحد إنكارها مع أنّ أوامره تعالى و نواهيه على الوهم المذكور تكون إرشادية محضة مجردة عن معنى الطلب و هو خلاف ما أجمعوا عليه من استعمال الأمر في الكتاب و السّنة في الوجوب تارة و في النّدب أخرى و استعمال النهي في التحريم تارة و في التنزيه أخرى و مصيرهم كلا أو جلا إلى تعيين حملهما على معناهما الأول عند فقد القرائن حملا للفظ على معناه الحقيقي و كأنّ منشأ هذا الوهم أنّ العدلية لمّا التزموا بالملازمة جعلوا أوامر الشرع و نواهيه كاشفة عن جهات محسّنة و مقبّحة عقلا فتوهّم أنهم يجعلون تلك الأوامر و النواهي لمجرّد الكشف عن تلك الجهات كأوامر الطبيب و نواهيه مع أن مقصودهم إنما هو الكشف بطريق الالتزام للحكم الشرعي كما يظهر من الوجوه التي قرّرنا و كذا ما سبق إلى بعض الأوهام من أنّ حكم الشّرع تابع لحكم العقل فإن فساد هذا الكلام غني عن البيان بل معلوم بالضرورة من جميع المذاهب و الأديان لاتفاق الكل على علمه تعالى بجميع الأشياء أزلا و أبدا و حكمته الموجبين لغنائه من مراعات الجهات الدّاعية إلى تشريع الأحكام عن متابعة العقل و غيره من المخلوقات كيف و العقل إنما وصل إلى تلك الجهات و حكم بمقتضاها بإفاضته تعالى عليه الصّور العلمية بعد خلقه إيّاه حكيما مراعيا للجهات فكيف يكون تابعا له فإن قلت قد ورد في جملة من الأخبار أنّ اللّه تعالى أدّب نبيّه و فوض إليه الأحكام و أن النّبي (صلى اللَّه عليه و آله) أوجب شيئا أو حرمه و أنه تعالى أقرّه عليه و رضي به و قضية ذلك أن يكون حكمه تعالى في تلك الموارد تابعا لحكم نبيّه فإذا جاز ذلك منه تعالى بالنسبة إلى النبيّ (صلى اللَّه عليه و آله) في بعض الأحكام فلم لا يجوز بالنسبة إلى العقل في الجميع لبطلان علة المنع بذلك قلت بعد تسليم ظاهر تلك الأخبار ليس تقريره تعالى و رضاه في ذلك متابعة منه تعالى للنبيّ في التشريع بل بيان لإصابته فيه الحق فإنّ تأديبه عبارة عن إكمال عقله و إقداره على معرفة جهات الأفعال و الالتزام بها و التفويض عبارة عن إذنه تعالى إيّاه في مراجعة عقله في معرفة الأحكام فحاله عند التحقيق كحال المجتهد إذا راجع الأدلة و حكم بحكم ثم عرض على المعصوم (عليه السلام) فأقره عليه فإنّ ذلك ليس متابعة من المعصوم (عليه السلام) له بل بيان لإصابته في الحكم و لا ينافي ذلك قوله تعالى و ما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى لجواز أن يعيّن الحكم في نفسه و لا ينطق به إلا بعد نزول وحي يدل على تقريره عليه هذا ثم النزاع بين الفريقين دائر بين الإيجاب الجزئي و السّلب الكلي لظهور أن العدلية لا يقولون بعدم خلو فعل من الأفعال عن أحد الوصفين لتحقق المباح العقلي عندهم و ليس فيه استحقاق مدح و لا ذمّ و لو حرّر النزاع في الحسن العقلي بمعنى ما لا يستحق فاعله الذم عند العقل قياسا له على الحسن الشرعي حيث فسّروه بما لا جرح في فعله لم يستقم إذ الأشاعرة لا ينكرون الحسن بهذا المعنى و لو فسّر الحسن العقلي بما يحكم العقل فيه بعدم استحقاق فاعله الذم في حكم الشارع رجع إلى مسألة الملازمة و هو نزاع آخر كما سنحرّره و لو فسّر بما يستحق فاعله أن لا يذم في حكم العقل لم يستقم تحرير النزاع فيه أيضا على الظاهر إذ لم يثبت أنّ الأشاعرة ينكرون ذلك إذ بعد نفي استحقاق الذم عقلا على الأفعال بالكلية يمكن أن يقال يستحق كل فاعل عند العقل أن لا يذم في حكم العقل إذ لا ذمّ في حكمه أصلا بل التحقيق أن لا نزاع بين الفريقين في تحقق المباح العقلي بالمعنى المعروف لاتفاقهما على أنّ من‌

الأفعال ما لا يستحق فاعله عند العقل مدحا و لا ذمّا و إن كان فرق ما بينهما من جهة الطّريق عموما و خصوصا إذا عرفت هذا فالحقّ ما ذهب إليه الأولون لنا وجوه منها قضاء الضّرورة بذلك فإنّا نجد في صريح الوجدان و جلي العيان أنّ من الأفعال ما هو حسن عند العقل بمعنى أنّ فاعله يستحق المدح و الثناء عنده من حيث كونه فاعلا له كالعدل و الإحسان و الصّدق النّافع و منها ما هو قبيح بمعنى أنّ فاعله يستحقّ الذم عنده كذلك كالظلم و العدوان و الكذب الضّار فإنكار الخصم له مكابرة و المشهور في تقرير الحجة أنّ العقلاء لا يرتابون في حسن تلك الأمور و قبح هذه و ليس ذلك بالشرع إذ يقول به من لا يديره به و لا بالعرف لاختلافهم بالأمم و لا اختلاف فيه فيتعين أن يكون من قبل العقل و هو المطلوب و اعترض عليه بأنه إن أريد بالحسن و القبح هناك ما لا يرجع إلى المعنى المتنازع فيه فثبوته لا يجدي في محل النزاع و إلا فممنوع سلمنا لكن يجوز أن يكون هناك عرف عام مبدأ لذلك الحسن و القبح فلا يلزم اختلاف الأمم فيه و الجواب عنه ظاهر مما قررنا فإن ترتب المدح و الذم على تلك الأفعال في حكم العقل ضروريّ فلا يصغى إلى المنع المذكور لكن لا حاجة مع هذا البيان إلى التطويل المذكور الثاني أنّ العاقل المختار إذا خيّر بين الصّدق و الكذب و تساويا إليه أثر الصّدق قطعا و كذا إذا رأى شخصا لا يعاديه قد أشرف على الهلكة و قدر على إنقاذه بسهولة فإنّه ينقذه و إن لم يرج ثوابا و لا شكورا و ليس ذلك إلا لاتصاف الفعل بالحسن و تركه بالقبح بالمعنى المتنازع فيه و اعترض على الأوّل بأنّا لا نسلم أنه يؤثر الصّدق و لو سلّم فلا نسلم أنه لاتصافه‌

نام کتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية نویسنده : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست