السابق (185) و السر فيه أن المطلق و المقيد و إن كانا متغايرين بحسب المفهوم، إلا ان مغايرة الأول للثاني إنما هو بملاحظة الإطلاق، إذ لو جرد النّظر عن ذلك، يكون المقسم المتحد مع المطلق و المقيد في الذهن. و لا إشكال في ان الجهة- التي بها يغاير المقيد، و يصير في قباله في الذهن، و هي جهة الإطلاق- لا دخل لها في المطلوبية، لأن هذه الجهة عبارة عن عدم مدخلية شيء في المطلوب، سوى أصل الطبيعة، ففي الحقيقة جهة المطلوبية قائمة بأصل الحقيقة التي تكون مقسما بين المطلق و المقيد، و مع كون المطلوب ما ذكر يمتنع تعلق النهي بالمقيد، لاتحاد مورد الأمر و النهي حتى في الذهن، فليتدبر.
(الثاني)
أن النزاع في المسألة يمكن أن يكون عقليا فقط، و يمكن ان يرجع إلى اللفظ، و يمكن أن لا يكون ممحضا في أحدهما.
اما الأول فبان يكون في صحة العبادة، بعد الفراغ عن كون النهي متعلقا بالخصوصية، و وجود الجهة الموجبة للأمر في الطبيعة (186)، فيرجع محصل النزاع إلى ان وجود الجهة في الطبيعة هل يكفى في كونها عبادة و محصلة للقرب، و ان كان المأتي به الفرد المشتمل على الخصوصية المبغوضة فعلا أولا.
(185) (فصل في النهي عن العبادة:) قد مر في مبحث اجتماع الأمر و النهي توجيه كلام الفاضلين (قدّس سرّهما)، و أن في مثل (صل الصبح و لا تصل في الحمام) أيضا لا يجري ذلك النزاع، فراجع.
(186) و بعبارة أخرى: يقع النزاع في نفس مضادة النهي لتحقق العبادة، بعد تحقق جميع شرائط العبادة شرعا، مع قطع النّظر عن موانعها العقلية.